للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)} [الأنبياء]» فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَهُمْ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ مُفَارَقَتِهِمْ، أُشْهِدُكَ أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ كُلُّهُمْ (١).

وتقدم حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما-، عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: -فذكر الحديث وفيه- « … وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ، وَلَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ، وَلِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ عِنْدَهُ حَقٌّ، حَتَّى أَقُصَّهُ مِنْهُ، حَتَّى اللَّطْمَةُ» قَالَ: قُلْنَا: كَيْفَ وَإِنَّا إِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ -عز وجل- عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ» (٢)

[الظلم ظلمات يوم القيامة]

وجاء أيضًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٣).

والظلم ليس مقتصرا على أخذ مال الغير بغير حق فحسب بل يشمل هذا وغيره من حقوق الآدميين. ومنه مبارزة الله بالمعاصي فإنه من ظلم المرء لنفسه. وقد بيَّن لنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خطره فقال: «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- (٤).

المقتول ظلمًا يطلب حقَّه يوم القيامة:

بيَّنَ لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- عِظَمَ شأن الدماء والقتل بغير حق. كما في حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، هَذَا قَتَلَنِي، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: لِمَ قَتَلْتَهُ؟ فَيَقُولُ: قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ: فَإِنَّهَا لِي. وَيَجِيءُ الرَّجُلُ


(١) أخرجه الترمذي (٣١٦٥) وأحمد (٢٦٤٠١) وغيرهما. والحديث تفرد به قراد أبو نوح وهو عبد الرحمن بن غزوان، وعده العلماء من أوهامه. انظر: المسند المصنف المعلل (٣٨/ ٣٤٠) وتحقيق المسند (٤٣/ ٤٠٧).
(٢) تقدم (ص: ١٤٢).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٤٧)، ومسلم (٢٥٧٩).
(٤) أخرجه مسلم (٢٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>