للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: وهذا يدل على أنها في غاية العلو والارتفاع … قال: وهو لا ينفي أن يكون درج الجنة أكبر من ذلك … إلخ» (١)

وقال أبو حازمٍ، عَنْ سَهْل بن سعدٍ -رضي الله عنهما-، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الغُرَفَ فِي الجَنَّةِ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ فِي السَّمَاءِ» قال أبو حازم: فَحَدَّثْتُ بِهِ النُّعْمَانَ بْنَ أَبِي عَيَّاشٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ -رضي الله عنه-، يُحَدِّثُ وَيَزِيدُ فِيهِ: «كَمَا تَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الغَارِبَ فِي الأُفُقِ: الشَّرْقِيِّ وَالغَرْبِيِّ» (٢)

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَهْلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَا يَرَاهُمْ مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الطَّالِعَ فِي الْأُفُقِ مِنْ آفَاقِ السَّمَاءِ» (٣)

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الغَابِرَ فِي الأُفُقِ، مِنَ المَشْرِقِ أَوِ المَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَالَ: «بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا المُرْسَلِينَ» (٤). فيتفاوت الناس في الجنة بأعمالهم.

أعلى أهل الجنة منزلةً وأدناهم منزلة:

«سَأَلَ مُوسَى -عليه السلام- رَبَّهُ -عز وجل-، مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ، وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، فَيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ، فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، وَلَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ، قَالَ: رَبِّ، فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ


(١) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم- (١/ ١٣٢)
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٥٥، ٦٥٥٦) ومسلم (٢٨٣٠، ٢٨٣١).
(٣) أخرجه الترمذي (٣٦٥٨) وحسنه، وابن ماجه (٩٦) وأحمد (١١٩٣٩) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.
(٤) أخرجه البخاري (٣٢٥٦) ومسلم (٢٨٣١) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>