للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْأَلُونَ (٢٣)} [الأنبياء]. ونقل البيهقي -رحمه الله- عن سفيان وهو ابن عيينة -رحمه الله- في قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١] قال: "بالرضا والتسليم" (١).

وعن علقمة بن قيس -صاحب ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: "هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ" (٢).

وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: يَهْدِ قَلْبَهُ لِلْيَقِينِ، فَيَعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَمَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ (٣).

رابعا: الاعتراض على القدر بالفعل:

وهكذا أيضًا ما يصاحب بعضَ ذلك من شَقِّ الجيوب ولَطْمِ الخدود والنياحةِ ورفع الصوت، وكذلك حلق الشعر والدعاء بالويل إذا نزلت مصيبة، فكلُّ ذلك مما يتنافى مع إيمان المسلم بقضاء الله وقدره.

[ما يفعله عند المصيبة]

يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ» (٤). ويقول الله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (١٥٦)} [البقرة]. هذه هي كلمة المؤمن، فهو رجَّاعٌ إلى الله سبحانه. وأما أن تقول: لو أني فعلت لكان كذا وكذا فإنَّ هذا لا ينفع، وإنما تسلم لأمر الله سبحانه. والواجب على المسلم الصبر، فيلزم الصبر الذي يحجز الإنسان عن الوقوع في المعاصي من اللطم والاعتراض على قدر الله -جل وعلا- ويقوده إلى الإيمان بقضاء الله وقدره.

خامسا: قول بعضهم: اللهم لا أسألك ردَّ القضاء ولكن أسألك اللطف فيه:

كذلك من الأخطاء المنتشرة قول بعض الناس هذا الدعاء: (اللهم إني لا أسألك ردَّ القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه). قال العلماء: هذا الدعاء خطأ، والصواب: أننا نسأل


(١) البيهقي في شعب الإيمان (٢٢٢).
(٢) البيهقي في شعب الإيمان (٩٥٠٣) وانظر: تفسير عبد الرزاق (٣٢٢٧) وتفسير الطبري (٢٣/ ١٢).
(٣) تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (٢٣/ ١٢)
(٤) تقدم في هذا المجلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>