الملك … وهو سبحانه الحميد المجيد، وحمده ومجده يقتضيان آثارهما، ومن آثارهما: مغفرة الزلّات، وإقالة العثرات، والعفو عن السيِّئات، والمسامحة على الجنايات، مع كمال القدرة على استيفاء الحقِّ والعلمِ منه سبحانه بالجناية ومقدار عقوبتها، فحِلمُه بعد علمه، وعفوه بعد قدرته، ومغفرته عن كمال عزّته وحكمته، كما قال المسيح ــ صلى الله على نبينا وعليه وسلم ــ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)} [المائدة: ١١٨]، أي فمغفرتك عن كمال قدرتك وحكمتك، ليستْ كمن يغفر عجزًا ويسامح جهلًا بقدر الحقِّ، بل أنت عليمٌ بحقِّك، قادرٌ على استيفائه، حكيمٌ في الأخذ به. فمن تأمّل سريان آثار الأسماء والصِّفات في العالَم وفي الأمر، تبيَّن له أنَّ مصدر قضاءِ هذه الجنايات من العبيد وتقديرها هو من كمال الأسماء والصِّفات والأفعال، وغاياتُها أيضًا مقتضى حمده ومجده، كما هو مقتضى ربوبيَّته وإلهيَّته ا. هـ (١)
[الحكيم]
وكذلك تأمَّلْ في اسمه {الْحَكِيمُ} فإنك تعرف بذلك أنَّ الله -جل وعلا- له حكمة عظيمة في خلقه، وفي أمره، وفي شرعه، لم يخلق شيئًا هملًا، ولم يترك شيئًا سدًى -سبحانه وتعالى-.
[السميع البصير العليم المحيط]
وإذا علم العبد أنَّ ربَّه -سبحانه وتعالى- {سَمِيعٌ بَصِيرٌ}