للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع كلامه وسأله قال: لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله (١).

[الأنبياء معصومون من الكبائر]

وكذلك الأنبياء معصومون من سائر الكبائر، ولا تقع منهم الأمور العظيمة الكبيرة، فلا يقع منهم الزنا، ولا شرب الخمر ولا غير ذلك؛ فقد عصمهم الله -جل وعلا- من هذه الأمور.

[هل يقع فعل الصغائر من الأنبياء وهل يقع منهم الخطأ؟]

لا بُدَّ أن نعلم أن أكثر العلماء -رحمهم الله- قد ذكروا أنه يقع الخطأ من الأنبياء مما هو دون الكبائر، فيقع الخطأ الذي لا يتعمَّدُونه منهم، لكن الله -جل وعلا- لا يُقِرُّهم على هذا الخطأ بل يوجههم للحق، وقد يحصل للأنبياء العتاب على ذلك. ثم إنَّ هذا الخطأ الذي يقع منهم، إنما هو على سبيل الاجتهاد، لا يتعمَّدُونه؛ ولهذا لا يقال عنه: إنه معصية. فهذه العبارة لا تطلق عليهم، وإنما يقصد من ذلك أن الله -جل وعلا- يعاتبهم ويغفر لهم، والتوبة حاصلة على خطئهم، ويقبل الله -جل وعلا- توبتهم كما حصل في قصة آبينا آدم -عليها السلام-؛ إذ قَبِلَ الله -جل وعلا- توبته واجتباه وهداه، ويكون في ذلك رفعةٌ لدرجاته عند الله.

[بطلان القصص التي فيها ما يخالف عصمة الأنبياء]

فإذا عرفنا أن الأنبياء والمرسلين معصومون؛ فإن ما يوجد من القصص المنثورة عن بعض الأنبياء:

• كما يُذكر عن نبي الله هارون -عليها السلام- أنه عَبَدَ العجل مع بني إسرائيل

• أو أن إبراهيم خليل الرحمن -عليها السلام- قدَّم زوجه سارة إلى الجبَّار لينال الخير بسببها

• أو أنَّ لوطًا -عليها السلام- شرب الخمر وسكر.

• أو أن يعقوب -عليها السلام- سرق المواشي من حَمِيِّه وخرج بأهله خلسة،

• وكذلك ما يذكر في قصة داود -عليها السلام- من أنه زنا بزوجة رجل من قُوَّاد جيشه

• أو أنه دبَّر حيلةً لقتل الرجل.

فكلُّ هذه الأقوال لا تصح ولا تثبت. وبعضها مبثوث في كتب بني إسرائيل المحرَّفة،


(١) البخاري (٧) واللفظ له، ومسلم (١٧٧٣) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>