للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليك وعلى أمتك أن تعمل به، وتتبع ما فيه دون غيره من الكتب التي أوحيت إلى غيرك {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} يقول: هو يصدق ما مضى بين يديه فصار أمامه من الكتب التي أنزلتها إلى من قبلك من الرسل … وقال: في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا}{الْكِتَابَ} هو الكتب التي أنزلها الله من قبل الفرقان .... قال: فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يكون ذلك معناه وأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- لا يتلون غير كتابهم، ولا يعملون إلا بما فيه من الأحكام والشرائع؟ قيل: إن معنى ذلك على غير الذي ذهبت إليه وإنما معناه: ثم أورثنا الإيمان بالكتاب الذين اصطفينا؛ فمنهم مؤمنون بكل كتاب أنزله الله من السماء قبل كتابهم وعاملون به؛ لأن كل كتاب أنزل من السماء قبل الفرقان، فإنه يأمر بالعمل بالفرقان عند نزوله، وباتباع من جاء به، وذلك عَمَل من أقر بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وبما جاء به وعَمِل بما دعاه إليه بما فى القرآن، وبما في غيره من الكتب التي أنزلت قبله … إذ كان معنى الميراث إنما هو انتقال معنى من قوم إلى آخرين، ولم تكن أمة على عهد نبينا -صلى الله عليه وسلم- انتقل إليهم كتاب من قوم كانوا قبلهم غير أمته إلخ (١)

الأمر الثامن: التحريف الواقع في الكتب السابقة:

الأمر الثامن: أن نؤمن أن كتب أهل الكتاب السابقة للقرآن، وهي التوراة والإنجيل والزبور قد نالها التحريف والتبديل والتغيير والكتمان، كما تقدم. فنحن نؤمن بأصولها أنها من عند الله لكن ما تضمنته من تحريف وتبديل فإن هذا لا يلزمنا، وإنما نؤمن بما عندنا في كتاب الله -جل وعلا-.

حفظ الله -جل وعلا- للقرآن وللسنة المبيِّنة للقرآن:

وأما القرآن فإن الله قد تكفل بحفظه، فما بين الدفتين مما هو مكتوب في المصحف هو القرآن الكريم بغير ارتياب ولا شك، كما ذكر الإمام البيهقي، وقد قرأنا عبارته، وهي عبارة دقيقة يقول: "أن نعتقد أن جميع القرآن الذي تُوُفِّيَ النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه هو هذا الذي في مصاحف المسلمين لم يَفُتْ منه شيء، ولم يَضِعْ بنسيان ناسٍ ولا ضلال صحيفة ولا موت قارئ ولا كتمان كاتم، ولم يُحرَّفْ منه شيء، ولم يزد فيه حرف ولم


(١) تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (١٩/ ٣٧٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>