للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِلْمِ»، وَفِي الْمَجْلِسِ مَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ؛ فَجَعَلَ يَسْتَهْزِئُ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ: وَاللهِ! لأَقَطِّرَنَّ غَدًا نَعْلِي فَأَطَأُ بِهِمَا أَجْنِحَةَ الْمَلائِكَةِ. قَالَ: فَفَعَلَ وَمَشَى فِي النَّعْلَيْنِ، فَجَفَّتْ رِجْلاهُ جَمِيعًا، وَوَقَعَتْ فِي رِجْلَيْهِ جَمِيعًا الآكلة. (١)

وقال الطبراني: سمعتُ أبا يحيى زكريا بن يحيى السَّاجي قال: كنَّا نمشي في بعض أزقَّة البصرة إلى باب بعض المحدِّثين، فأسرعنا المشي، وكان معنا رجلٌ ماجنٌ متَّهمٌ في دينه، فقال: «ارفعوا أرجلَكم عن أجنحة الملائكة، لا تكسروها»، كالمستهزاء؛ فما زال من موضعه حتى جفَّت رجلاه وسَقَط. (٢)

فانظر إلى عاقبة الاستهزاء بالسنة، وما حل بهؤلاء من العقوبة العاجلة نسأل الله السلامة والعافية (٣)

[من محبة المؤمن للملائكة البعد عن المعاصي]

ومن محبتنا لملائكة الرحمن وعدم إيذائهم البعد عن الذنوب والمعاصي والآثام؛ فإن الملائكة لا تحب المعاصي، ولذلك جاء في الحديث كما تقدم: «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ، وَلَا صُورَة»، و «لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جَرَسٌ» وغير ذلك من الأحاديث التي تبين أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ناهيًا عن البصاق على اليمين في الصلاة قال: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَبْصُقْ أَمَامَهُ، فَإِنَّمَا يُنَاجِي اللَّهَ مَا دَامَ فِى مُصَلَّاهُ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ؛ فَإِنَّ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكًا، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا» (٤).

ويجب على المؤمن أن يوالي الملائكة، وأن يحبهم؛ فهم عباد الله، عاملون بأمره، تاركون لنهيه، وهم أولياء لله.

وأخبار الملائكة في الكتاب والسنة كثيرة جدًّا، وواجب المؤمن في كل ما ورد من


(١) المجالسة وجواهر العلم (٢١٥٤)
(٢) أخرجه الطبراني في كتاب «السُّنَّة»، كما ذكر شيخ الإسلام في «الفتاوى» (٤/ ٥٣٩)، وابن القيم في «مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة» (١/ ١٧٣ ط عطاءات العلم). ومن طريقه الخطيب في «الرحلة» (٨)، والهروي في «ذم الكلام» (٤/ ٣٦٩)، والنووي في «بستان العارفين» (١١١)
(٣) انظر: كتاب «سرعة العقاب لمن خالف السنة والكتاب» لشيخنا محمد بن عبد الله باموسى حفظه الله.
(٤) البخاري (٤١٦) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>