للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على غير حقيقته -صلى الله عليه وسلم- المعروفة عنه؛ فأمثال هؤلاء الشعوب لم يسمعوا به، ولم تبلغهم الدعوة، فلا يشملهم الوعيد المذكور في الحديث ا. هـ (١)

قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وأدناها» وفضلُ إماطةِ الأذى عن الطريق:

قال: «وَأَدْنَاهَا» أدنى شعب الإيمان يعني أقرب هذه الشعب. فالدنو بمعنى: القرب، «إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ»، فهذا من الإيمان؛ وهو من أعظم الأسباب السهلة اليسيرة التي تكون سببًا في دخول الجنة، كما قال النبيُّ -عليه الصلاة والسلام-: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ؛ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ، كَانَتْ تُؤذِي النَّاسَ» (٢).

[منزلة الحياء من الدين]

قال -صلى الله عليه وسلم-: «وَالحَيَاءُ شَعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ».

والحياء كما قال العلماء: مأخوذ من الحياة. قال أهل اللغة: الاستحياء من الحياة واستحيى الرجل من قوة الحياة فيه لشدة علمه بمواقع الغيب.

وقال بعض أهل العلم: الحياء حالة تتولد من رؤية الآلاء ورؤية التقصير (٣).

وقال بعضهم: الحياء خُلُقٌ يبعث على اجتناب كلِّ ما هو قبيح، ويبعث على مراقبة الله -جل وعلا-. (٤)

وإذا تأملنا هذا الحديث رأينا أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى أركان الإيمان: القول، والعمل، والاعتقاد. فالحياء من شعب الإيمان القَلْبِيَّة. وقول: «لا إله إلا الله» من شُعَب الإيمان التي تُقال باللسان. وإماطةُ الأذى عن الطريق من شعب الإيمان التي تُعمَل بالجوارح.

ولذلك فالإيمانُ: قولٌ باللسان، واعتقادٌ بالقلب، وعملٌ بالجوارح والأركان، يزيد بطاعة الرحمن وينقص بالعصيان.


(١) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (٧/ ٢٥١)
(٢) أخرجه مسلم (١٩١٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (١٠/ ١٨٠ ط الرشد) عن الجنيد قوله.
(٤) ينظر: «صيانة صحيح مسلم لابن الصلاح» (ص ١٩٨)، و «رياض الصالحين للنووي ت الفحل» (ص ٢٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>