للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ، كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ - أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى» وفي رواية مسلم: « … بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى» (١)

وفي صحيح مسلم عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، «فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ (٢)، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ (٣)، يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا، وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لَا زَوَالَ لَهَا، فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفَةِ جَهَنَّمَ، فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا، لَا يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا (٤)، وَوَاللهِ لَتُمْلَأَنَّ، أَفَعَجِبْتُمْ؟ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ (٥) مِنَ الزِّحَامِ» (٦). وقد جاء التقدير بأن «بين المصراعين أربعين سنة» في أحاديث مرفوعة ذكرها ابن القيم وبين ضعفها ثم قال: وحديث أبي هريرة أصح ا. هـ (٧)

[أول من يقرع باب الجنة]

تقدم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- «أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ» (٨). وقال -صلى الله عليه وسلم-: «آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَسْتفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ» (٨).


(١) أخرجه البخاري (٤٧١٢)، ومسلم (١٩٤) قال محقق مستخرج أبي عوانة: في معجم البلدان لياقوت الحموي: "الهجر بلغة حمير والعرب العاربة: القرية، فمنها: هجر البحرين، وهجر نجران، وهجر جازان … ". وعليه فالذي يظهر أن المقصود بها: هَجَر جازان أو هَجَر نجران لقربها من بلاد قبيلة حِمير التي ديارها اليمن، مع رواية البخاري ومثيلتها عند المصنِّف كما سبق، والله سبحانه وتعالى أعلم. ا. هـ
(٢) آذنت: أي أعلمت. "بصرم" الصرم الانقطاع والذهاب. و "حذاء": مسرعة الانقطاع.
(٣) صبابة: البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الإناء، "يتصابها" أي شرب صبابته.
(٤) قعرا: قعر الشيء أسفله.
(٥) كظيظ: أي ممتلئ.
(٦) صحيح مسلم (٢٩٦٧).
(٧) «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم» (١/ ١١٧)
(٨) تقدم في مباحث الشفاعة (٦/ ١٩٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>