للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله المنفرد بالخلق والتدبير والإحياء والإماتة، فقال ذلك الطاغية: {قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: ٢٥٨]

ودعا قومه إلى توحيد الله سبحانه، قال -جل وعلا-: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (٥٢) قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (٥٣) قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٥٤) قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (٥٥)} [الأنبياء] إلى آخر القصة العظيمة التي ذكرها الله في سورة الأنبياء، وفيها أنه كَسَّرَ أصنامهم، ودعاهم بالحكمة إلى الله -جل وعلا-.

[صلاح الناس في الدعوة إلى التوحيد]

إنَّ الأنبياء جميعًا عَرَفُوا أنَّ صلاح الناس إنما يبدأ من هاهنا من توحيد الله -جل وعلا- يبدأ من توحيد الله لا كما يظنه كثير من الناس اليوم أنه لا يمكن أن يدخل الشرك والفساد إلى الأمة، وأن الأمة في مأمن من ذلك، كلَّا -والله- إنه ظنُّ مَنْ لا يعرف منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله.

[نبي الله إبراهيم وخليله -عليها السلام- يخاف الشرك على نفسه وذريته]

بل إن نبي الله إبراهيم خافه على نفسه وذريته فقال في دعائه ما أخبر الله عنه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (٣٥)} [إبراهيم].

وكان إبراهيم التيميّ -التابعي الجليل- -رحمه الله-، يقصُّ ويقول في قَصَصه: من يأمن من البلاء بعد خليل الله إبراهيم -عليها السلام-، حين يقول: ربّ {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}» (١)

وقال يحيى بن يمانٍ: سمِعتُ سُفيانَ يقولُ: قد كنتُ أشْتَهِي أن أمرَضَ وأمُوتَ، فأمّا اليومَ فلَيْتني مِتُّ فُجاءةً؛ لأنني أخافُ أن أتحوَّلَ عمّا أنا عليه، من يأمَنُ البلاءَ بعدَ خليلِ


(١) أخرجه الطبري (١٣/ ٦٨٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>