للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الثامن عشر (١)

الشعبة الخامسة من شعب الإيمان: الإيمان بالقضاء والقدر

[كل شيء بقضاء وقدر]

قال البيهقي -رحمه الله-: "الخامس من شعب الإيمان وهو: بابٌ في القدر خيره وشره من الله -جل وعلا-، قال الله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: ٧٨] … وفي هذه الآية دلالة على أن قوله: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: ٧٩] معناه: ما أصابك من شيء يسرك من صحة بدنٍ أو ظفر بعدو وسعة رزق ونحو ذلك فالله مُبتَدِيك بالإحسان به إليك، وما أصابك من شيء يسوؤك ويغمك فبكسب يدك لكن الله مع ذلك سائقُه إليك والقاضي به عليك، وهو كما قال في آية أخرى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} [الشورى: ٣٠] وقد يكون فيما يسوؤه جراحات تصيبه أو قتل أو أخذ مال أو هزيمة وقد أَمَرَ في الآية الأخرى بأن يقول فيها وفيما يصيبه من خلافها: {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: ٧٨] فدَلَّ أن ذلك كله بتقدير الله -جل وعلا- غير أنه في آية أخرى أخبر أنه إنما يصيبه جزاء له بما جناه على نفسه بكسبه، وليس ذلك بخلاف بما أمر به في الآية الأولى" (٢).

إذًا لخَّص البيهقي -رحمه الله- اعتقاد المؤمن الواجب عليه في هذا الباب الخطير.

وفي هذه الآية يقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله-:

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُخَاطِبًا لِلرَّسُولِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْإِنْسَانِ لِيَحْصُلَ الْجَوَابُ: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} أَيْ: مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَمَنِّهِ وَلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ


(١) كان في يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر رمضان ١٤٤١ هـ.
(٢) شعب الإيمان (١/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>