للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من نوره مثل الرجل القائم، وأدناهم نورًا من نوره في إبهامه يتَّقد مرة ويطفأ مرة" (١). قال: وأما أهل النفاق فإن الله يقول: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: ١٣] ماذا يحصل لهم في هذا الموقف؟

قال ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا إخبار منه تعالى عما يقع يوم القيامة في العرصات

من الأهوال المزعجة والزلازل العظيمة، والأمور الفظيعة، وإنه لا ينجو يومئذ إلا من آمن بالله ورسوله وعمل بما أمر الله به وترك ما عنه زجر" (٢).

كلٌ نوره يوم القيامة بحسب عمله في دنياه:

وانظروا إلى هذا الموقف العصيب الذي يحتاج فيه الإنسان إلى العمل الصالح، هذا الموقف الذي يتميز فيه الكفار من المؤمنين ومن المنافقين، ويغدو كلٌّ إلى مصيره ومآله الذي كتب الله -عز وجل-: فذلة ومهانة تلحق الكافرين، وتلحق هؤلاء المجرمين، وذلة ومهانة تكون على رؤوس المنافقين، وسعادةٌ وفرحةٌ تكون لأهل الإيمان.

[حال الكافر يوم القيامة]

وأما الكافرون في هذا الموقف العظيم -كما ذكرنا في الأدلة السابقة-: فيؤمر بهم، فيحشرون مع ما كانوا يعبدون. وانظر إلى تصوير القرآن الكريم إذ يقول الله: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} يساقون إلى جهنم جماعَة تلو جماعَة يُنهَرون نهرًا غليظًا، ويصاح بهم من هنا وهناك كما يفعل الراعي ببقره أو غنمه، يُنهَرون وهم يغدُون إلى نار جهنم. {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ} [الزمر: ٧١] … الآيات.

ثم انظروا أيضًا إلى قول الله سبحانه: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩)} [فصلت] يعني: يُجمَعون، فتجمعهم الزبانية على آخرهم كما يفعل البشر بالبهائم!


(١) تفسير ابن كثير (٨/ ١٥).
(٢) المرجع السابق (٨/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>