للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين الرسل بالمثوبة والأجر العظيم، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٥٢)} [النساء].

[ذم من آمن ببعض الرسل وكفر ببعض]

وذمَّ الله -جل وعلا- أهل الكتاب لإيمانهم ببعض الرسل وكفرهم ببعض فقال -جل وعلا-: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة: ٩١] فاليهود لا يؤمنون بعيسى ولا بمحمد -عليه الصلاة والسلام- والنصارى لا يؤمنون بمحمد -عليه الصلاة والسلام- فكانوا بذلك -جميعا- كفارًا. وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» (١)

قال العلامة الألباني -رحمه الله-: «يَسْمَعُ بِي»؛ أي: على حقيقته -صلى الله عليه وسلم- بشراً رسولاً نبياً فمن سمع به على غير ما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- من الهدى والنور ومحاسن الأخلاق؛ بسبب بعض جهلة المسلمين؛ أو دعاة الضلالة من المنصرين والملحدين؛ الذين يصورونه لشعوبهم على غير حقيقته -صلى الله عليه وسلم- المعروفة عنه؛ فأمثال هؤلاء الشعوب لم يسمعوا به، ولم تبلغهم الدعوة، فلا يشملهم الوعيد المذكور في الحديث ا. هـ (٢)

وقد أصبح بعض الناس بسبب جهلهم بالدين، يعتقدون أن اليهود ليسوا كفارًا، وأن النصارى ليسوا كفارًا، فيقولون: الناس، مسلمون ويهود ونصارى وكفار، على اعتبار أنَّ غير اليهود والنصارى هم الكفار، والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦)} [البينة].

-فاللهم اهد ضال المسلمين-.


(١) صحيح مسلم (١٥٣)، تفرد به عن أصحاب الكتب الستة كما في تحفة الأشراف (١٥٤٧٤).
(٢) سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (٧/ ٢٥١)

<<  <  ج: ص:  >  >>