للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشفاعة المنفية: هي الشفاعة في حقِّ الكافرين والمشركين، ومن مات على غير التوحيد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فنفى عمَّا سواه كلَّ ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قِسْطٌ من الملك أو يكون عونًا لله، ولم يبق إلا الشفاعة؛ فبيَّن أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الربُّ كما قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: ٢٨] " (١).

فالشفاعةُ في كتاب الله قسمان:

شفاعة مثبتة، وهذه الشفاعة لله يتفضَّل بها على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع؛ ليكرمه وينال المقام المحمود.

وأما الشفاعة المنفية فهي ما كان فيها شركٌ، فالمشرك لا يقبل الله -عز وجل- فيه الشفاعةَ،

وهذا الباب العظيم من الأبواب التي ضلَّ فيها المشركون والكافرون وعبدةُ الأوثان والمفتونون المغالُون في الأولياء والعلماء والأنبياء والصالحين،

يقول الله -جل وعلا- في كتابه الكريم مبيِّنًا خطأ ما كان عليه المشركون: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: ١٨]

فهم يزعمون أنَّ آلهتهم التي تُعبَد من دون الله ستكون شفيعةً لهم عند الله -جل وعلا- في الموقف يوم القيامة، وقد ظَنُّوا بالله ظنَّ السوء، قال تعالى عنهم: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ثم قال ربنا: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)} [يونس].

[الشفاعة العظمى يوم القيامة]

من أعظم الشفاعات يوم القيامة الشفاعةُ العظمى التي تكون لنبينا -صلى الله عليه وسلم- وذلك أن الناس حين يجمعهم الله يوم القيامة في صعيد واحد -كما جاء في الأحاديث- يصيبهم الهمُّ والغمُّ والكرب، فيفزعون إلى من يشفع لهم عند الله -جل وعلا- ليُخلِّصَهم من كرب الموقف، وقد تقدَّم معنا في المجلس السابق ذِكْرُ أن الناس حينما يقفون في الموقف العظيم


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>