للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (١٢)} [الانفطار] وكل الله بك يا ابن آدم ملكين حاضرين لا يفارقانك، يُحصيان عليك أعمالك وأقوالك كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (١٧) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق].

[رقيب عتيد]

وما معنى رقيب وما معنى عتيد؟ الرقيب العتيد هو المراقب المعد لذلك لا يترك كلمة إلا ودَوَّنها على صاحبها؛ فينبغي للعبد إذا عرف ذلك أن يستحيي من ملائكة الرحمن، وعليه أن يراقب ربه -جل وعلا- في أقواله وفي أفعاله (١).

وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَا مِنْ عَمَلِ يَوْمٍ إِلَّا وَهُوَ يُخْتَمُ عَلَيْهِ وَلَا لَيْلَةٍ إِلَّا وَهُوَ يُخْتَمُ عَلَيْهَا حَتَّى إِذَا حِيلَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنِ الْعَمَلِ قَالَ الْحَفَظَةُ: يَا رَبَّنَا هَذَا عَمَلُ عَبْدِكَ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَمَلِ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ»

وقَالَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه-: «إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يَعْلَمُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ الْحَافِظُ لِأَنَّهُ يَعْرُجُ بِعَمَلِهِ وَيَنْزِلُ بِرِزْقِهِ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ رِزْقٌ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ» (٢)

وذكر بعض الناس في قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)} [ق] أن الملك في اليمين "رقيب"، وأن ملك الشمال يقال له: "عتيد"؛ وهذا ليس بصحيح؛ فإن قوله تعالى: {رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)} وصفان للملكين اللذين يسجلان أعمال العباد، ومعنى: رقيب عتيد: ملكان حاضران شاهدان لا يغيبان عن العبد.


(١) وفي سنن الترمذي ت شاكر (٢٨٠٠) -وقال حديث غريب- عَنْ لَيْثٍ -وهو ابن أبي سليم-، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: مرفوعا «إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّيَ فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إِلَّا عِنْدَ الغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ» وضعفه الألباني في الإرواء (٦٤)، وله شاهد ضعيف أيضا، رواه البيهقي في الشعب (٧٣٤٥) عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-. وهو في السلسلة الضعيفة (٢٣٠٠)
(٢) المستدرك على الصحيحين (٧٦٦٩) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه شيخنا الوادعي في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين» (٥١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>