للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فتح أبواب الجنة في الدنيا]

في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا» (١)

قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-: وفتح أبواب الجنة في هذين اليومين محمول على ظاهره، ولا ضرورة تحوج إلى تأويله، ويكون فتحها تأهبا، وانتظارا من الخزنة لروح من يموت في ذينك اليومين ممن غفرت ذنوبه، أو يكون فتحها علامة للملائكة على أن الله تعالى غفر في ذينك اليومين للموحدين، والله تعالى أعلم ا. هـ (٢)

وفيه عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» قَالَ فَقُلْتُ: مَا أَجْوَدَ هَذِهِ فَإِذَا قَائِلٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَقُولُ: الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ -رضي الله عنه- قَالَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ - أَوْ فَيُسْبِغُ - الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» (٣)

قال شيخنا الإتيوبي -رحمه الله-: فتح أبواب الجنة محمول على ظاهره وحقيقته، وذكر بعضهم احتمال أن يكون مجازًا عن التوفيق للطاعات في الدنيا، فإنها سبب في فتح أبواب الجنّة في الآخرة، والصواب ما قدّمته، وأما الاحتمال المذكور فيُبعده قوله: "يدخُلُ من أيها شاء"، فتأمل، والله تعالى أعلم ا. هـ (٤)


(١) صحيح مسلم (٢٥٦٥)
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٦/ ٥٤٠)
(٣) صحيح مسلم (٢٣٤)
(٤) البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (٦/ ١٩٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>