للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصَّد عرقًا (١).

وهذا يعلى بن أمية -رضي الله عنه- رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ينزل عليه الوحي فإذا رسول -صلى الله عليه وسلم- محمَّرُ الوجهِ وهو يَغِطُّ ثم سُرِّيَ عنه (٢).

هذه مقامات الوحي التي كانت تنزل على الأنبياء -عليهم السلام- وكيف يوحى إليهم، فنؤمن بذلك كما جاء في الكتاب والسنة.

الأنبياء بشر فضَّلهم الله واختارهم:

ومن مسائل الإيمان بالرسل أن نؤمن بأن الرسل الذين بعثهم الله -جل وعلا- كانوا من البشر كما ذكر الله -جل وعلا- في كتابه فقال: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف: ١١٠، فصلت: ٥] أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يخبر الناس بأنه بشر، وقال تعالى: {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: ١١]

[معنى أنهم من البشر]

ومعنى ذلك أنهم يفعلون ما يفعله البشر من الأمور الجِبِلِّيَّة، فمقتضى كون الرسل بشرًا أنهم يتَّصفون بالصفات التي لا تنفكُّ عنها البشرية فهم:

يأكلون، ويشربون، وينامون، ويتزوجون، ويُولَد لهم:

كما قال ربنا -جل وعلا-: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧) وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (٨)} [الأنبياء] وقال -جل وعلا-: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: ٣٨]

[المرض والموت]

ويمرضون ويموتون: كما قال -سبحانه وتعالى- في قصة إبراهيم خليله -عليها السلام-: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١)} [الشعراء]. فهذه أعراض بشرية يصاب بها الناس، ومنهم الأنبياء -عليهم السلام-.


(١) تقدم قريبا
(٢) صحيح البخاري (١٥٣٦، ٤٣٢٩)، وصحيح مسلم (١١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>