للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو إنما يعترض على قدر الله -جل وعلا-.

قال الماوردي -رحمه الله-: وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْحَسَدُ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فِي السَّمَاءِ، يَعْنِي حَسَدَ إبْلِيسَ لِآدَمَ -عليها السلام- وَأَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ بِهِ فِي الْأَرْضِ، يَعْنِي حَسَدَ ابْنِ آدَمَ لِأَخِيهِ حَتَّى قَتَلَهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ رَضِيَ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَسْخَطْهُ أَحَدٌ، وَمَنْ قَنَعَ بِعَطَائِهِ لَمْ يَدْخُلْهُ حَسَدٌ ا. هـ

ثم ذكر -رحمه الله- من دواعي الحسد: أَنْ يَكُونَ فِي الْحَاسِدِ شُحٌّ بِالْفَضَائِلِ، وَبُخْلٌ بِالنِّعَمِ وَلَيْسَتْ إلَيْهِ فَيَمْنَعُ مِنْهَا، وَلَا بِيَدِهِ فَيَدْفَعُ عَنْهَا؛ لِأَنَّهَا مَوَاهِبُ قَدْ مَنَحَهَا اللَّهُ مَنْ شَاءَ فَيَسْخَطُ عَلَى اللَّهِ -عز وجل- فِي قَضَائِهِ، وَيَحْسُدُ عَلَى مَا مَنَحَ مِنْ عَطَائِهِ، وَإِنْ كَانَتْ نِعَمُ اللَّهِ -عز وجل- عِنْدَهُ أَكْثَرَ، وَمِنَحُهُ عَلَيْهِ أَظْهَرَ. قال: وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْحَسَدِ أَعَمَّهَا وَأَخْبَثُهَا إذْ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ رَاحَةٌ، وَلَا لِرِضَاهُ غَايَةٌ، فَإِنْ اقْتَرَنَ بِشَرٍّ وَقُدْرَةٍ كَانَ بُورًا وَانْتِقَامًا، وَإِنْ صَادَفَ عَجْزًا وَمَهَانَةً كَانَ كَمَدًا وَسَقَامًا. (١)

سابعا: الذهاب للسَّحرة والكُهَّان واستطلاع الغيب:

كذلك من الأشياء القادحة في باب الإيمان بالقضاء والقدر: سعيُ بعض الناس وذهابه إلى السحرة والكُهَّان والعرَّافين والدجَّالين واستطلاع المستقبل -زعموا! - ويصدقونهم في ذلك، فينظرون ماذا سيقول لهم وماذا سيحصل لهم!!

[استعمال الأبراج في استطلاع الغيب ومعرفة المستقبل]

ومن هذا الباب: استعمال الأبراج والإيمان بها وأنه سيحصل كذا وسيحصل كذا ويكثر هذا في المجلات والصحف التي يخصصون فيها مكانا للأبراج ويجعلون أمام كل برج ما سيحصل فيه، فإذا كان المرء مولودا في ذلك البرج يقول: سيحصل لك في هذا الشهر كذا وكذا، وهذا استدلال منهم بالنجوم والأبراج على التأثير في الأرض والتكهن عما سيحصل، وهو نوع من الكهانة، والتنجيم. ويجب على كل مسلم ألا يقرأه، ولا يطلع عليه؛ لأن الاطلاع على تلك البروج وما فيها- ولو لمجرد المعرفة- يدخل في النهي من جهة أنه أتى الكاهن غير منكر عليه. وهذا يدل على غلبة الجهل وقلة العلم وضعفِ الإيمان وبُعْدِ كثير -وإن كانوا مثقفين- عن علم العقيدة الصحيحة.


(١) أدب الدنيا والدين (ص: ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>