للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا، فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ. لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا» (١).

وهذا هو العرض الذي هو الحساب اليسير الذي يكون للمؤمن يوم القيامة.

[إقامة الشهود على العباد]

ومن عَدْلِ الله في الحساب يوم القيامة أنه يُقِيمُ الشهودَ على الكفرة والمنافقين وعلى العصاة والمجرمين، نسأل الله العفو والعافية.

[شهادة السمع والبصر والجلود]

قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠)} [فصلت]. فالله سبحانه يقيم عليهم الحجة يوم القيامة.

ولما يحاسب الله -عز وجل- الناسَ يوم القيامة، فينكر بعضُهم عملَه الذي عمل، ينطق الله أعضاءه بالشهادة ويقطع عليه الحجة. كما في صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَضَحِكَ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟» قَالَ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَيَقُولُ: فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي، قَالَ: فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، قَالَ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ» (٢)


(١) أخرجه مسلم (١٩٠).
(٢) رواه مسلم (٢٩٦٩) وابن حبان (٧٣٥٨) ووهم الحاكم فاستدركه (٨٧٧٨) وقال على شرط مسلم ولم يخرجاه! ا. هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>