للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ» (١) أي «لَا تَقْتُلْهُ» فإنه معصومُ الدم، مُحَرَّمٌ قتله بعد قوله: (لا إله إلا الله)، كما كنت أنت قبل أن تقتله، وإنك بعد قتله غير معصوم الدم، كما كان هو قبل قوله: (لا إله إلا الله)، لولا عُذرك بالتأويل المسقط للقصاص عنك. (٢)

[الشهادتان أصل قول اللسان]

ومما يجب معرفته ها هنا أنَّ الشهادتين أصلُ قولِ اللسانِ، ولا بُدَّ منهما لصحة الإيمان كما جاء في الحديث السابق. وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يؤمن بالشهادتين فهو كافر، فلا بُدَّ من النطق بالشهادتين مع القدرة، وإلا فإنه لا يكون من المسلمين. وهذا يدل على أنَّ قول اللسان من الإيمان.

قال الإمام ابن أبي العز -رحمه الله- في شرح حديث شعب الإيمان: «هذه الشعب، منها ما يزول الإيمان بزوالها إجماعًا، كشعبة الشهادة، ومنها ما لا يزول بزوالها، كترك إماطة الأذى عن الطريق» (٣).

وقال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: «من ترك الشهادتين خرج من الإسلام» (٤).

فلا بُدَّ من النطق بالشهادتين، وهذا مما يدخل في قول العلماء -رحمهم الله- تعالى: الإيمانُ اعتقاد بالقلب، وقول باللسان … إلخ

والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة ومنها: قوله -عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصًا مِنْ قَلْبِهِ-أَوْ يَقِينًا مْنِ قَلْبِهِ-دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَلَمْ تَمَسَّهُ النَّارَ» (٥).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ،


(١) البخاري (٤٠١٩)، مسلم (٩٥)
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنوويّ (٢/ ١٠٦).
(٣) شرح الطحاوية، (٢/ ٤٧٦).
(٤) جامع العلوم والحكم، (١/ ١٠١).
(٥) رواه أحمد في المسند (٣٦/ ٣٨١/ ٢٢٠٦٠) من حديث جابر -رضي الله عنه-. وصححه ابن حبان (٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>