للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» (١).

معنى كلمة بِضْع:

ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: «بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً» أو قال: «بِضْعٌ وَسِتُّونَ». قال العلماء «بِضْعٌ»: كلمة تدُلُّ على عدد مبهم، وهذا العدد مقيَّدٌ بما بين الثلاثة والتسعة، وهنا قال -عليه الصلاة والسلام-: «الْإِيَمانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً» أي: إنه يتفرع إلى هذه الشعب.

معنى كلمة شُعْبَة:

وكلمة «شعبة» قال العلماء: معناها: خَصلة، يعني: أنَّ الإيمان ذو خصال متعددة. وجاء في بعض الروايات: «الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا» (٢) أي: بضع وسبعون نوعًا. وهذا يدعو المسلم إلى أن يتعرف على شعب الإيمان.

قوله -صلى الله عليه وسلم- سَبْعُونَ شُعْبَة:

وهذه السبعون قال العلماء: أراد بها النبي -صلى الله عليه وسلم- الإشارة إلى التكثير، وأن الأعمال الصالحة كثيرة، وأنها ربما تبلغ إلى نحو بضع وسبعين شعبة. فإن قال قائل: هل يلزمنا أن نبحث عن معدوداتها؟، وأن ننظر في هذه المعدودات حتى نتأملها؟

فالجواب: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمرنا بالبحث عنها وتعدادها، وإنما أشار -صلى الله عليه وسلم- إلى أنها ذاتُ عدد، وأنها كثيرة، وأنَّ المسلم عليه أن يعمل الأعمال الصالحات التي تقربه إلى الله -جل وعلا-. فالمقصود هو أنَّ الأعمال الصالحة تُسمَّى إيمانًا، فالصلاة إيمان، والزكاة إيمان، والحجُّ إيمان، وهكذا سيأتي معنا بيان شيء من الأعمال الصالحة التي هي من شعب الإيمان. ومع ذلك فإنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد دلَّنا على شيء من هذه الشعب فقال: «فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ».

[منزلة التوحيد]

وأفضل تلك الشعب قدرًا، ودرجةً عند الله، قول لا إله إلا الله، وهي كلمة التوحيد، يعني: كلمة لا إله إلا الله ومعها كلمة أشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهما صنوان لا


(١) أخرجه مسلم (٣٤)، والترمذي (٢٦٢٣) من حديث العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه-، ولفظ الترمذي: «ومحمَّدٍ نبيًّا» وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(٢) الترمذي (٢٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>