فكل الأنبياء دعوا إلى هذه الكلمة {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. دعوا إلى توحيد الله، وإفراده بالعبادة، والبراءة من الشرك وأهله.
وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء] فما من نبي بعثه الله إلا ودعوتُه الدعوةُ إلى التوحيد وإفراد الله -جل وعلا- بالعبادة، قال:{فَاعْبُدُونِ} أي: فوحِّدوني.
وذكر الله -جل وعلا- قصص عدد من الأنبياء في سورة الأنبياء ثم قال بعد ذلك: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢)} [الأنبياء].
وكذلك ذكر قصص الأنبياء في سورة المؤمنون، فذكر نوحًا وهودًا وصالحًا وموسى وهارون ثم قال بعد ذلك: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢)} [المؤمنون].
فقوله في الآيتين: آية الأنبياء، وآية المؤمنون:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}. قال الحافظ ابن كثير: قال مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} يقول: دينكم دين واحد (١).
فالأنبياء جميعًا بُعِثُوا بأصلٍ واحدٍ عظيم، ما هو هذا الأصل؟
هو توحيد الله وإفراده بالعبادة {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}
ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين: «أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا