للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَعْبٌ، فَلَمْ يَزِدْهُ عَلَى ذَلِكَ (١). قال العلامة القنازعي -رحمه الله-: ففِي هذَا مِنَ الفِقْهِ: أَنَ عُمَرَ كَرِهَ أَنْ يُقْرأَ مِنَ الكُتُبِ الأُوَلُ شَيءٌ إلَّا مَا صَحَّ أَنهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالَى لَمْ يُحَرَّفْ ولَمْ يُبَدَّلْ، وفيهِ: أَنَّ كَعْبَ الأَحْبَارَ قَدْ عَلِمَ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ قَدْ حَرَّفُوا التَّوْرَاةَ، إذ لَمْ يُخْبرْ عُمَرَ بأن في ذَلِكَ المُصْحَفِ التَّوْرَاةَ المَنْزُولَةَ غَيْرَ المُبَدَّلَةِ ا. هـ. (٢)

وقال الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله-: ومن صَحَّ عندَهُ شيءٌ من التَّوراةِ بنَقلِ مِثلِ ابن سَلام -رضي الله عنه- وغيرِهِ من أحبارِ اليهُودِ الذين أسْلَمُوا، جازَ لهُ أن يَقْرأهُ ويعملَ بما فيه إن لم يَكُنْ مُخالِفًا لِما في شَرِيعتِنا، من كِتابِنا وسُنَّةِ نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم-، … ثم ذكر قول عمر لكعب المتقدم. (٣)

[حكم الرواية عن أهل الكتاب]

وفي صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (٤)

قال الحافظ: وَقَالَ مَالِكٌ الْمُرَادُ جَوَاز التحدث عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ حَسَنٍ أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُهُ فَلَا؛ وَقِيلَ الْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِمِثْلِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ … وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- لَا يُجِيزُ التَّحَدُّثَ بِالْكَذِبِ فَالْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبَهُ وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّثِ بِهِ عَنْهُمْ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ» (٥) وَلَمْ يَرِدِ الْإِذْنُ وَلَا الْمَنْعُ مِنَ التَّحَدُّثِ بِمَا يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ. ا. هـ (٦)

وروى الإمام البخاري أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ


(١) «موطأ مالك رواية أبي مصعب الزهري» (١/ ١٠٨) رقم (٢٧٥) ورواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث (٣/ ٩٥٠) من طريق معن عن مالك. وفيه انقطاع، زيد لم يدرك عمر -رضي الله عنه-.
(٢) تفسير الموطأ (١/ ٢٣٨)
(٣) التمهيد - ابن عبد البر (٩/ ٢٧٧ ت بشار)
(٤) صحيح البخاري (٣٤٦١)
(٥) سيأتي (ص ٢٧) وانظر الحديث الآتي.
(٦) فتح الباري (٦/ ٤٩٨ - ٤٩٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>