للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «مَا أَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْغِنَى، وَأَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ، وَأَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْعِبَادَةِ» (١) ا. هـ (٢)

وقد جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين هذه الخصال الثلاث -فيما رواه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، فَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ: فَتَقْوَى اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَوْلُ بِالْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالسُّخْطِ، وَالْقَصْدُ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَأَمَّا الْمُهْلِكَاتِ: فَهَوًى مُتَّبِعٌ، وَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَهِيَ أَشَدُّهُنَّ» (٣)

[سؤال الله نعيما لا ينفد]

ثم يسأل اللهَ «نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ» وهو نعيم الآخرة، وهو نعيم الجنة، قال الله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: ٩٦] والعبد إذا تعلق قلبه بالآخرة فهذا من تمام إيمانه بالله واليوم الآخر. وفي المسند عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسْعُودٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَتَاهُ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ يُصَلِّي، فَافْتَتَحَ النِّسَاءَ فَسَحَلَهَا -أي قرأها كلها قراءة متتابعة-، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ، فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ»، ثُمَّ تَقَدَّمَ يسأَلُ، [وفي رواية: فَجَعَلَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَدْعُو، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي] فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ، سَلْ تُعْطَهْ»، فَقَالَ: فِيمَا سَأَلَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لَا يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ». قَالَ: فَأَتَى عُمَرُ -رضي الله عنه- عَبْدَ اللَّهِ لِيُبَشِّرَهُ، فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ -رضي الله عنه- قَدْ سَبَقَهُ، فَقَالَ: إِنْ فَعَلْتَ، لَقَدْ كُنْتَ سَبَّاقًا بِالْخَيْرِ. (٤)

[سؤال الله قرة عين لا تنقطع]

وقال: «وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ» وقرة العين من جملة النعيم الذي يسأله العبد


(١) مسند البزار = البحر الزخار (٢٩٤٦) وإسناده ضعيف جدا كما في السلسلة الضعيفة (٢١٦٤)
(٢) «شرح حديث عمار بن ياسر -رضي الله عنه-» (ص ١٦٩)
(٣) شعب الإيمان (٦٨٦٥) وحسنه الألباني لشواهده في الصحيحة (١٨٠٢).
(٤) مسند أحمد (٤٢٥٥، ٤٣٤٠) وحسنه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٣٠١)، وشيخنا العلامة الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (٢٠٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>