للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قل هذه سبيلي:

ويقول الله في كتابه الكريم لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)} [يوسف] هذه الآية العظيمة تُبَيِّنُ لنا منهج الأنبياء في دعوتهم.

يقول شيخ المفسرين الحافظ عماد الدين ابن كثير -رحمه الله- في هذه الآية: يقول تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم- إلى الثقلين: الإنس والجن، آمرًا له أن يخبر الناس أن هذه سبيله أي: طريقته ومسلكه وسنته، وهي الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يدعو إلى الله بها على بصيرةٍ من ذلك ويقينٍ وبرهانٍ هو وكلُّ من اتبعه يدعو إلى ما دعا إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بصيرة ويقين وبرهان عقلي وشرعي (١).

وفي ختام هذه الآية يقول: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ} أي: وأنزِّهُ الله وأُجِلُّه وأُعَظِّمُه عن أن يكون له شريك وند -تبارك وتعالى- عن ذلك علوًّا كبيرًا. ثم تختم الآية بقوله: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وهذه خاتمة مهمة، فقد بيَّنَ النبي -صلى الله عليه وسلم- طريقه ومنهجه وهو الدعوة إلى التوحيد، وخُتِمَت الآية بالبراءة من المشركين. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّنَ دعوته، وقال: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} كما تبرَّأ منهم خليلُ الرحمن -عليها السلام- يقول ربنا: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: ٤]. بُعِثَ النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قوم يعبدون الله، لكنهم لا يعبدون الله وحده، وإنما يعبدون من دونه آلهةً وأوثانًا. فهم لا ينكرون وجود الله ولا كونَه خالقًا رازقًا، ولكنهم يُشرِكون مع الله غيرَه! فمن المهم أن نعرف حقيقة دعوة الأنبياء والمرسلين -عليهم السلام-.

[ما هي دعوة الأنبياء؟]

تلك الدعوة العظيمة التي بعثهم الله بها، ووضَّحها في كتابه العظيم القرآن أوضحَ الدلالة، وبيَّنَ معانيها ومعالمها التي غفل عنها الناس اليوم؛ فوقعوا في الشرك الذي نهى الله -جل وعلا- عنه، وبعث الأنبياء للتحذير منه.


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>