للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ملك الحسنات وملك السيئات]

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أبي أمامة -رضي الله عنه- عند الطبراني وغيره: «إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَ سِتَّ - وفي رواية سبع - سَاعَاتٍ، عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلَّا كُتِبَتْ وَاحِدَةً» وفي رواية «صَاحِبُ الْيَمِينِ أَمِيرٌ عَلَى صَاحِبِ الشِّمَالِ فَإِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ حَسَنَةً أَثْبَتَهَا وَإِذَا عَمِلَ سَيِّئَةً قَالَ لَهُ صَاحِبُ الْيَمِينِ: امْكُثْ سِتَّ سَاعَاتٍ … » (١)

وقال الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ -رضي الله عنه-، فَقَامَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ يُصَلِّي فَبَصَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: «يَا شَبَثُ لَا تَبْصُقْ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَلَا عَنْ يَمِينِكَ، فَإِنَّ عنْ يَمِينِكَ كَاتِبَ الْحَسَنَاتِ، وَابْصُقْ عَنْ شِمَالِكَ، وَخَلْفَكَ فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، وَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَهُ اللَّهُ بِوَجْهِهِ يُنَاجِيهِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَنْصَرِفُ، أَوْ يُحْدِثُ حَدَثَ سَوْءٍ» (٢)

وهذا له حكم الرفع، وقد روي مرفوعا (٣) -والوقف أصح-.


(١) رواه الطبراني في المعجم الكبير (٨/ ١٨٥) رقم (٧٧٦٥) من طريق عبد الوهاب الحوطي، وغيره وفي مسند الشاميين (٥٢٦) من طريق إبراهيم بن العلاء وغيره والبيهقي في شعب الإيمان (٦٦٥٠) عن أبي اليمان الحمصي، كلهم عن إسماعيل بن عياش، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن عروة بن رويم، عن القاسم، عن أبي أمامة به باللفظ الأول. وحسن إسناده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (١٢٠٩). ورواه الطبراني في الكبير (٨/ ١٩١) رقم (٧٧٨٧) وفي مسند الشاميين (٤٦٨) من طريق الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد، عن القاسم، به باللفظ الثاني. وفيه عنعنة الوليد فإنه مشهور بالتدليس. وتوبع ثور؛ تابعه بشر بن نمير - عند الكلاباذي في بحر الفوائد المشهور بمعاني الأخبار (١١١) وابن شاهين في الترغيب (١٨٢) والبيهقي في شعب الإيمان (٦٦٤٩) والتفسير الوسيط للواحدي (٤/ ١٦٦) - وتابعهما أيضا جعفر بن الزبير عند البيهقي في الشعب (٦٦٤٨) والبغوي في التفسير البغوي (٤/ ٢٧٣)، ولا يفرح بمتابعتهما فإنهما متروكان. وانظر السلسلة الضعيفة (٢٢٣٧).
(٢) رواه عبد الرزاق الصنعاني (١/ ٤٣٢/ ١٦٨٩) -واللفظ له- وابن أبي شيبة (٧٤٥٤) وابن خزيمة في التوحيد (١/ ٣٥) وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات (٨٦٩) والبيهقي في الأسماء (٦٥٥) من طرق عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، … فذكره وعند ابن خزيمة تصريح الأعمش بالسماع.
(٣) رواه ابن ماجه (١٠٢٣) من طريق أَبي بَكْرِ بْن عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّهُ رَأَى شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ بَزَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا شَبَثُ لَا تَبْزُقْ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، حَتَّى يَنْقَلِبَ أَوْ يُحْدِثَ حَدَثَ سُوءٍ» وحسنه الألباني. ورواه البزار في مسنده (٢٨٨٩) وابن خزيمة (٩٢٤) من طريق عِمْرَان الْقَطَّان، عَنْ عَاصِمٍ به وقال البزار: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ مَرْفُوعًا إِلَّا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مَوْقُوفًا ا. هـ قلت قد توبع كما تقدم. وأيضا فقد رواه ابن المنذر في الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (٣/ ٢٦٧) رقم (١٦٣٤) من طريق حَمَّاد وهو ابن سلمة عن عاصم به. ورواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة (١/ ١٧٦) رقم ١٢٢ والمحاملي (٤١٥) -ومن طريقه الخطيب في التاريخ (٢٩١٣) -، عن حماد -وهو ابن أبي سليمان - وفي حفظه ضعف- عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، أَنَّ شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ، بَزَقَ فِي قِبْلَتِهِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ -رضي الله عنه-: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ، أَوْ قَالَ الرَّجُلُ، فِي صَلَاتِهِ يُقْبِلُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ، فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ فِي قِبْلَتِهِ، وَلَا يَبْزُقَنَّ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّ كَاتَبَ الْحَسَنَاتِ عَنْ يَمِينِهِ، وَلَكِنْ لِيَبْزُقْ عَنْ يَسَارِهِ» ورواية الوقف وإن كانت أصح فللحديث حكم الرفع والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>