للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ» قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: «فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ … » الحديث (١).

وقوله: «إجَازَة» هو بِكَسْر الْهمزَة وزاي أَي جَوَازًا وعبورا.

وفيه بيان فضل فقراء المهاجرين، حيث أكرمهم الله تعالى بسبق غيرهم في الجواز على الصراط.

قال العلماء: ولا يدلّ هذا على أن فقراء المهاجرين أفضل من أغنيائهم، للإجماع على أن عثمان بن عفّان وعبد الرحمن بن عوف، أفضل من أبي هريرة، وأبي ذرّ -رضي الله عنهم-. (٢)

[أحوال المارين على الصراط]

في حديثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: « … ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ»، [وَتَحِلُّ الشَّفَاعَةُ، وَيَقُولُونَ: اللهُمَّ سَلِّمْ، سَلِّمْ] قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الجَسْرُ؟ قَالَ: «مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ، وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ، تَكُونُ بِنَجْدٍ، يُقَالُ لَهَا: السَّعْدَانُ، المُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ، وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا، … » الحديث (٣)

وفي الصحيحين في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: « … وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ. وَبِهِ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، … غَيْرَ أَنَّهَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللَّهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، مِنْهُمُ المُوبَقُ بِعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ المُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو … » الحديث (٤)

وتقدم معنا حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- في صحيح الإمام مسلم -رحمه الله- لمَّا سُئِل عن الورود الذي يكون في ذلك اليوم، فقال -رضي الله عنه- وأرضاه: «فَتُدْعَى الأُمَمُ بِأَوْثَانِهَا وَمَا كَانَتْ تَعْبُدُ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ ثُمَّ يَأْتِينَا رَبُّنَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَقُولُ مَنْ تَنْظُرُونَ؟ -أي: من تنتظرون؟ -فَيَقُولُونَ: نَنْظُرُ رَبَّنَا. فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْكَ. فَيَتَجَلَّى لَهُمْ


(١) صحيح مسلم (٣١٥)
(٢) انظر: «البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج» (٧/ ٥٣٩)
(٣) أخرجه البخاري (٧٤٣٩) ومسلم (١٨٣) ومنه الزيادة.
(٤) أخرجه البخاري (٦٥٧٣) واللفظ له ومسلم (١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>