للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تغير السماء]

ذكر تغيُّرَ السماء وانفطارَها ومَوَرَانَها، فقال -جل وعلا-: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (١٧) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (١٨)} [المزمل] منفطر أي: متشقِّق، فالسماء مثقلة بذلك اليوم، متصدِّعة، متشقِّقة.

وقال سبحانه: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (٩)} [الطور] أي: تضطرب اضطرابًا عظيمًا. وقال -جل وعلا-: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (٣٧)} [الرحمن].

قال القاسمي -رحمه الله-: " أي: انفطرت، فاختلَّ نظامُها العلوي، {فَكَانَتْ وَرْدَةً} أي: كَلَوْنِ الورد الأحمر {كَالدِّهَانِ} أي: كالدهن الذي هو الزيت" (١)

وقال -جل وعلا-: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩)} [المعارج]

وقال -جل وعلا-: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦)} [الحاقة] أي: منشقَّة متصدِّعة. فهذه السماء التي حثَّنا الله -عز وجل- على النظر إليها؛ إذ هي من آيات الله العظيمة يقول -جل وعلا-: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (٤)} [الملك]

فهذه السماء التي ليس فيها تشقُّقٌ ولا تصدُّعٌ، والتي زيَّنَها الله {بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: ٦] تتصدَّعُ وتتشقَّقُ وتصبحُ {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} [الرحمن: ٣٧]، كما قال: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (٢)} [الإنشقاق]

قال ابن جرير -رحمه الله-: "يقول تعالى ذكره: إذا السماء تصدَّعت وتقطَّعت فكانت أبوابًا، قولُه: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} يقول: وسمعت السماوات في تصدعها وتشققها لربها وأطاعت له في أمره إيَّاها، والعربُ تقول: أَذِنَ لك في هذا الأمر إذنًا بمعنى: استمع لك" (٢)

ويقول -جل وعلا- في آية أخرى: {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (٩)} [المرسلات] أي: تشقَّقت وتفطَّرت، فهذا من وصف الله للسماء وحالها يوم القيامة،


(١) تفسير القاسمي (٩/ ١١٠)
(٢) تفسير الطبري (٢٤/ ٢٣٠، ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>