للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشفاعة في رفع درجات أقوام من أهل الجنة]

هذا هو النوع السادس من الشفاعة، وهذه النوع من أنواع الشفاعة ليس خاصا بنبينا -صلى الله عليه وسلم-، ولكنه المقدَّم فيها ثم يشفع بعده الأنبياء والملائكة والأولياء والأفراط أي: الأولاد الصغار الذين يموتون صغارًا فيشفعون ثم يخرج الله -عز وجل- برحمته من النار أقوامًا بدون شفاعة لا يحصيهم إلا الله -جل وعلا- فيدخلون الجنة (١).

الشفاعة في أقوام قد أُمِرَ بهم إلى النار ألَّا يدخلوها:

سابعا: ومن أنواع الشفاعة التي يذكرها العلماء: الشفاعةُ في أقوام قد أُمِرَ بهم إلى النار ألَّا يدخلوها.

قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: وهذه قد يستدل لها: بما رواه مسلم عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ:

«مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» (٢) قال: فإن هذه شفاعة قبل أن يدخل النار، فيشفعهم الله في ذلك ا. هـ (٣) ثم قال: ويشكل على هذا أن هذه شفاعة في الدنيا (٤).

وابن القيم -رحمه الله- يقول: وَهَذَا النَّوْع لَمْ أَقِف إِلَى الْآن عَلَى حَدِيث يَدُلّ عَلَيْهِ. وَأَكْثَر الْأَحَادِيث صَرِيحَة فِي أَنَّ الشَّفَاعَة فِي أَهْل التَّوْحِيد مِنْ أَرْبَاب الْكَبَائِر إِنَّمَا تَكُون بَعْد دُخُولهمْ النَّار، وَأَمَّا أَنْ يُشْفَع فِيهِمْ قَبْل الدُّخُول، فَلَا يَدْخُلُونَ. فَلَمْ أَظْفَر فِيهِ بِنَصٍّ ا. هـ (٥)

وذكر الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله- أن مما يدل على إثبات هذا النوع من الشفاعة قوله -صلى الله عليه وسلم- «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» (٦) فأثبت -صلى الله عليه وسلم- شفاعته في أهل


(١) أخرجه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣) كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.
(٢) صحيح مسلم (٩٤٨).
(٣) انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ٣٣٤)
(٤) انظر: شرح العقيدة الواسطية (٢/ ١٧٨)
(٥) انظر: تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته (٢/ ٤٢٥).
(٦) أخرجه أبو داود (٤٧٣٩)، والترمذي (٢٤٣٥)، عن أنس -رضي الله عنه-، وأخرجه الترمذي (٢٤٣٦) وابن ماجه (٤٣١٠) من حديث جابر -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>