للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة فيها ما لا عين رَأَتْ ولا أُذُن سمعت ولا خَطَرَ على قلب بشر:

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «قَالَ اللَّهُ: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنَ رَأَتْ، وَلَا أُذُنَ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَؤُوا إِنْ شئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)(١).

فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يخبرنا عن ربنا -عز وجل- أنه لا حدَّ لوصف الجنة وأنَّ النعيم الذي فيها يعجز العقل عن إدراكه، فمهما وصف لك هذا النعيم، فالنعيمُ أعظمُ من ذلك، وذلك فضلٌ من الله يؤتيه من يشاء.

موضع السوط في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها:

تأمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري من حديث سهل -رضي الله عنه-: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (٢).

لو أن عندك سوطًا ووضعته على الأرض فكم سيأخذ منها؟

إن ما يأخذه السوط من مساحة لو قُدِّرَ مثلُها في الجنة لكان خيرًا من الدنيا وما فيها.

وجاء في صحيح الإمام البخاري، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِي الجَنَّة خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ تَغْرُبُ» (٣).

فهذه الدنيا بقصورها، وأموالها، وخضرتها، وجمالها، وما فيها من أموال، وما فيها من أمور عظيمة لا تساوي عند نعيم الجَنَّة شيئًا.

ويقول نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيح، من حديث أنس -رضي الله عنه-: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»، ثم قال: «وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّة اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا»؛ أي: خمارها «خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (٤). هذه هي الدنيا التي نتنافس عليها، بل نتقاتل من أجلها، بل يجعلها الإنسان نُصُبَ عيْنيْه ليملأ من ذلك نفسه وقلبه.


(١) أخرجه البخاري (٣٢٤٤)، ومسلم (٢٨٢٤).
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٥٠).
(٣) برقم (٣٢٥٣).
(٤) أخرجه البخاري (٢٧٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>