للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبُرِّزَت الجحيمُ للغاوين:

ويقول الله -جل وعلا-: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (٩١)} [الشعراء] هذا من المواقف العظيمة يوم القيامة، يقول الحافظ ابن كثير: "أي أظهرت وكشف عنها، وبدت منها عنق، فزفرت زفرة بلغت منها القلوب إلى الحناجر" (١)

ويقول الله جل: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (٥٣)} [الكهف] أي: رأوا جهنَّمَ المحيطةَ بأنواع الهلاك: {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} أي: أيقنوا بأنهم واقعون فيها. والظن هنا بمعنى اليقين أي: تيقَّنُوا حينئذ أنهم داخلون فيها، قال الله: {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (٥٣)}

ويقول الله -جل وعلا- لنبيه: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧)} [الأنعام] أي: اطَّلعوا عليها، فعاينوها ورأوها، وتبينوها، فأيقنوا بما هم عليه من الهلاك حينما يمرون على الصراط والصراط منصوب على متن جنهم، فتأتي الندامةُ حينئذ: {يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧)}. وقال تعالى: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣)} [الفجر: ٢٣] يعني: من أيِّ وجهٍ له التذكر؟! {يَقُولُ يَالَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (٢٤)} [الفجر: ٢٤] يتمنى أن يكون قد قدَّم شيئًا لحياته، سمَّاها حياةً؛ لأنها هي الحياة الحقيقية، إذ إنَّ الحياة الحقيقية هي الحياة يوم القيامة، لكنه لم يُقدِّمْ لها شيئًا، ففُوجِئَ بهذه النار، نسأل الله السلامة والعافية.

عَرْض النار:

تُعرَضُ النارُ يومَ القيامة على أعداء الله كما قال ربنا سبحانه: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: ٢٠]


(١) تفسير ابن كثير (٦/ ١٥٠، ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>