للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهُ الْكَذِبُ لُغَةً مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ؛ لِأَنَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ صُحُفٍ هُوَ يُحْسِنُ بِهَا الظَّنَّ، وَفِيهَا أَشْيَاءُ مَوْضُوعَةٌ وَمَكْذُوبَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلَّتِهِمْ حُفَّاظٌ مُتْقِنُونَ كَهَذِهِ الْأُمَّةِ الْعَظِيمَةِ، وَمَعَ ذَلِكَ وَقُرْبَ الْعَهْدِ وُضِعَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ وَمَنْ مَنَحَهُ اللَّهُ عِلْمًا بِذَلِكَ، كُلٌّ بِحَسْبِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ا. هـ (١)

[تتمة في أن الإيمان بالكتب السماوية يتضمن عدة أمور]

وحاصل ما تقدم -في تحقيق معنى الإيمان بالكتب المنزلة- من المنقول عن العلماء -رحمهم الله- تعالى، أنهم قالوا: الإيمان بالكتب المنزلة يتضمن عدة أمور:

الأمر الأول: الكتب السماوية المنزلة كلام الله:

١ - فيجب التصديقُ الجازمُ بأن جميعها وحي منزل من عند الله -تبارك وتعالى- على أنبيائه ورسله، وأنها حق وصدق بغير شك ولا ارتياب. وأن الله تعالى تكَلَّم بها حقيقة؛ فهي كلام الله غير مخلوق لا كلام غيره، فليست كلام النبي، ولا جبريل ولا أحد من البشر بل هذه الكتب جميعها من عند الله. هذا هو الأمر الأول.

الأمر الثاني: الكتب السماوية تدعو إلى توحيد الله:

٢ - الأمر الثاني: أن نعتقد أن جميع الكتب دعت إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ودعت إلى نبذ الشرك به. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦]

الأمر الثالث: وجوب الإيمان بما صحَّ من أخبارها:

٣ - الأمر الثالث: أن نؤمن بكل ما فيها من الشرائع، ونصدق بكل ما صحَّ من أخبارها كأخبار القرآن، وما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة كما جاء في سورة النجم، فقد ذكر الله بعض الأمور العظيمة التي كانت في كتب سابقة، وحثَّنَا عليها، فقال: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ


(١) تفسير ابن كثير ت سلامة (٦/ ٢٨٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>