للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا فإن مَنْ كَتَبَ اللهُ له الجنة وزحزح عن النار فهو من الفائزين ومن الناجين ومن المفلحين. قال الله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (١٨٥)} [آل عمران].

وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرًا:

ذكر الله -عز وجل- لنا في كتابه كيف أنَّ أهل الإيمان سيُساقون إلى الجنة معزَّزِين مكرَّمين زُمَرًا أي: جماعةً، جماعةً إلى جنات النعيم.

قال الله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (٧٣)} [الزمر] أي: طابت أعمالكم، وطابت أقوالكم، وطابت أنفسكم، وطابت قلوبكم، فلذلك استحققتم هذه الدار الطيبة.

ويقول الله -جل وعلا- في شأن الجنة: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١)} [ق] أزلفت يعني: قربت فلا يتحملون عناء الذهاب إليها، بل إنَّ الله -عز وجل- يقربها إليهم.

[شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل الجنة في دخول الجنة]

وقد تقدم معنا في الدرس الماضي حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ - يعني من العبور على الصراط - حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ» الحديث (١). فإنهم إذا أذن لهم في الدخول؛ فلا يجدون الباب مفتوحًا، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يشفع إلى الله في أن يفتح لهم باب الجنة. كما تقدم في مباحث الشفاعة. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ» (٢).

ويقول -عليه الصلاة والسلام-: «آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَسْتفْتِحُ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَأَقُولُ: مُحَمَّدٌ، فَيَقُولُ: بِكَ أُمِرْتُ لَا أَفْتَحُ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ» (٣).


(١) أخرجه الإمام البخاري (٢٤٤٠) وتقدم في الجزء السادس (ص ٢٥٠)
(٢) أخرجه الإمام مسلم (١٩٦) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-. وتقدم في الجزء السادس (ص ١٩٧)
(٣) أخرجه الإمام مسلم (١٩٧) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-. وتقدم في الجزء السادس (ص ١٩٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>