للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- «الشَّمْسُ وَالقَمَرُ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ» (١).

والمقصود بالتكوير: أنها تُزال عن أماكنها، وتُلقى عن فلكها، ويُمحى ضوؤُها.

وقوله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} قال الحافظ ابن جرير -رحمه الله-: "وجمع بين الشمس والقمر في ذهاب الضوء؛ فلا ضوء لواحد منهما" (٢).

ثم تَقْرُب الشمس من رؤوس الخلائق كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ، فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ» إلى آخر الحديث، خرجه مسلم من حديث المقداد بن أسود -رضي الله عنه- (٣).

ويقول -جل وعلا-: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)} [القيامة]

ويقول -جل وعلا-: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨)} [المرسلات] أي: طمسها بذهاب ضيائها، فليس لها نور، وليس لها ضوء، وكذلك القمر لا نور له ثم تتساقط النجوم والكواكب.

كما أخبر الله -جل وعلا-: {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢)} [التكوير].

وكما قال تعالى: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢)} [الإنفطار].

كُرَب يوم القيامة:

هذه كلها أهوال عظيمة تقع يوم القيامة؛ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين] وهي كُرَبٌ عظيمة؛ ولهذا سمَّى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ما يقع في ذلك اليوم بالكرب، قال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (٤).

ففي يوم القيامة كُرَبٌ عظيمة: «تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ، حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ … فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى


(١) أخرجه البخاري (٣٢٠٠).
(٢) تفسير الطبري (٢٣/ ٤٨١).
(٣) سيأتي تخريجه في المبحث الآتي.
(٤) أخرجه مسلم (٢٦٩٩) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>