للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الخامس (١)

تفسير آية الحجرات

قال الله -سبحانه وتعالى-: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤)} [الحجرات].

هذه الآية المباركة هي الآية الرابعة عشرة من سورة الحجرات، وفيها إشارة إلى أنَّ ثمة فرقًا بين الإسلام وبين الإيمان. يقول الحافظ أبو الفداء ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "يقول تعالى منكرًا على الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادَّعَوا لأنفسهم مقام الإيمان، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعد: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}.

[الإيمان أخص من الإسلام]

ثم قال: وقد استفيد من هذه الآية الكريمة: أن الإيمان أخصُّ من الإسلام كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، ويدل عليه حديث جبريل -عليها السلام- حين سأل عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان، فترقَّى من الأعم إلى الأخص، ثم للأخص منه.

ثم ذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- المخرج في الصحيحين أنه قال: أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجالًا، ولم يُعطِ رجلًا منهم شيئًا، فقال سعد: يا رسول الله، أعطيتَ فلانًا وفلانًا ولم تُعطِ فلانًا شيئًا وهو مؤمن! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَوْ مُسْلِمٌ؟» حتى أعاده سعد -رضي الله عنه- ثلاثًا، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «أَوْ مُسْلِمٌ؟» ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنِّي لَأُعْطِي رِجَالًا وَأَدَعُ من هو أَحَبُّ إِليّ مِنْهُمْ فَلَا أُعْطِيهِ شَيْئًا؛ مَخَافَةَ أَنْ يُكَبُّوا فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ» (٢). وعلَّق على هذا الحديث، فقال:


(١) كان في يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر شعبان ١٤٤١ هـ.
(٢) البخاري (٢٧)، مسلم (١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>