للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الثاني (١)

بيان حقيقة الإيمان

تقدم ذكر حقيقة الإيمان بالله -سبحانه وتعالى- وأنه خمس كلمات. وأن العلماء -رحمهم الله- يقولون: الإيمان قول، وعمل، واعتقاد، يزيد وينقص. فهو قول باللسان، واعتقاد بالقلب والجنان، وعمل بالجوارح والأركان، ويزيد بطاعة الرحمن وينقص بالعصيان.

ونزيد الأمر إيضاحًا في هذا المجلس بإذن الله-تعالى-بالحديث عن هذه الأبواب الخمسة التي ذكرناها في تفسير الإيمان.

[قول القلب وعمله]

أما الأمر الأول وهو أن الإيمان اعتقاد بالجنان أو اعتقاد بالقلب، فتأملوا قولَ الله -سبحانه وتعالى-: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} في قوله -جل وعلا-: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ١٤]

إذا تأملتَ هذه عرفتَ أن الآية تدل على أن إيمان القلب ركن لا بد منه في الإيمان، ولا بُدَّ من العناية بأعمال القلوب كالخوف، والخشية، والرجاء، والإيمان بالله، وملائكته، ورسله، واليوم الآخر؛ فاعتقاد هذه الأمور أمرٌ لا يتم إيمان المرء إلا به.

ثم تأمل -حفظك الله- قولَ الله -سبحانه وتعالى-: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: ٧]. تأمل قوله تعالى: {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} لتعلم أنه لا يصح الإيمان إلا بإيمان القلب، وأن إيمان القلب إذا وُجِدَ سَرَى ذلك إلى الجوارح ولا بُدّ. لأنَّ إيمان القلب ليس مجردَ العلم والمعرفة والتصديق بالله -جل وعلا- والتصديق بخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما هو إيمانٌ يقود صاحبه إلى الانقياد، والاستسلام، والخضوع، والإخلاص،


(١) كان في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر شعبان ١٤٤١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>