للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن أبي شيبة: عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه-، فِي قَوْلِهِ: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل: ٨٨] قَالَ: «زِيدُوا عَقَارِبَ أَدْنَاهَا [وفي رواية: أنيَابُهَا] كَالنَّخْلِ الطِّوَالِ» (١)

[أعظم عذاب أهل النار]

قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: أعظمُ عذابِ أهلِ النارِ حجابُهم عن اللَّه -عز وجل-، وإبعادُهم عنه. وإعراضُه عنهم، وسخطُه عليهم، كما أنَّ رضوانَ اللَّه على أهلِ الجنةِ أفضلُ من كلِّ نعيم الجنة، وتجليه لهم ورؤيتهم إيَّاهُ أعظمُ من جميع أنواع نعيم الجنةِ. قال اللَّه تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧)} [المطففين]. فدْكر اللَّهُ تعالى ثلاثةَ أنواعٍ من العذابِ: حجابُهم عنه، ثم صليهم الجحيمَ، ثم توبيخُهم بتكذيبِهِم به في الدنيا. ووصفَهُم بالرانِ على قلوبِهِم، وهو صدأُ الذنوب الذي سوَّد قلوبَهُم، فلم يصلْ إليها بعدَ ذلك في الدنيا شيءٌ من معرفةِ اللَّهِ ولا منْ إجلالِهِ ومهابتِهِ وخشيتِهِ ومحبتِهِ، فكما حجبتْ قلوبُهم في الدنيا عن اللَّهِ حجبوا في الآخرةِ عن رؤيتِهِ ا. هـ (٢)

[طلب أهل النار الرجعة والتخفيف من العذاب]

ويشكو أهلُ النار إلى الله -سبحانه وتعالى- يوم القيامة وإلى خزنة جهنَّم حالَهم وما هم فيه، فهل يجابون إلى ذلك؟ كلَّا لا يُجَابُون، -نسألُ الله العفو والعافية-، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ}


(١) «مصنف ابن أبي شيبة» (٧/ ٥١) رقم (٣٤١٣٨) واللفظ له. ورواه ابن أبي الدنيا في صفة النار (٩٣)، وأبو يعلى (٢٦٥٩) والطبراني في المعجم الكبير (٩/ ٢٢٦) رقم (٩١٠٣، ٩١٠٤، ٩١٠٥) والرواية له. والحاكم في المستدرك على الصحيحين (٣٣٥٧، ٨٧٥٥) وصححه على شرطهما وهو في صحيح الترغيب والترهيب (٣٦٧٨) للألباني.
(٢) التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار (ص: ١٩٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>