للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جمال الملائكة]

وجاءت الأدلة أيضًا ببيان جمال الملائكة، وأنَّ الله سبحانه خَلَقَهم على صورة كريمة جميلة كما تقدَّم في قول الله تعالى في وصف جبريل: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦)} [النجم]. فعن ابن عباس في قوله: {ذُو مِرَّةٍ} قال: "ذو منظر حسن" (١). وقال قتادة: "ذو خَلْق طويل حسن" (٢). وقد تقرر عند الناس وصْفُ الملائكة بالجمال كما تقرر عندهم وصْفُ الشياطين بالقبح.

وكذلك جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يحدث الناس يومًا، فقال: «يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ، مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ، إِلَّا أَنَّ عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَةَ مَلَكٍ» (ومسحة ملك يعني من جماله ومن حسنه) .. قال في الحديث: فدخل جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- (٣).

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِلَّا أَنَّ عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَةَ مَلَكٍ» المقصود به جمال الملائكة، وأن جرير بن عبدالله البجلي -رضي الله عنه- وأرضاه ناله شيء من هذا الجمال؛ ولهذا كان جرير بن عبد الله البجلي يُوصَف، فيقال عنه إنه يوسف هذه الأمة كما رُوِيَ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأرضاه (٤). ومعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِلَّا أَنَّ عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَةَ مَلَكٍ»، كما يقول ابن الأثير: "يقال: على وجهه مسحة ملك ومسحة جمال أي: أثرٌ ظاهرٌ منه، ولا يقال ذلك إلا في المدح" (٥).

وجاء الحديث أيضًا في صحيح البخاري أن دحية بن خليفة الكلبي كان من أجمل الناس، وكان يُضرَب به المثل في الجمال وحسن الصورة، وأن جبريل -عليها السلام- كان يأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- على صورة دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الكلبي -رضي الله عنه- وأرضاه (٦).

وبهذا يظهر لنا أن السُّنة قد جاءت ببيان جمال خَلْقِهم -عليهم السلام-.


(١) تفسير الطبري (٢٢/ ١٠).
(٢) تفسير الطبري (٢٢/ ١٠) ..
(٣) عند أحمد (١٩١٨٠)، والطبراني في الكبير (٢/ ٣٥٢) رقم (٢٤٨٣) وغيرهما.
(٤) معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني (٥/ ٨٢)، واعتلال القلوب للخرائطي (٣٢٣).
(٥) النهاية في غريب الأثر (٤/ ٦٩٩).
(٦) تقدم في المجلس الحادي عشر (ص ١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>