للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو عالم قادر، ولذا قال هنا: «أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي». وأما ما يعلم أنه خير محض كسؤاله خشيته من اللَّه تعالى وطاعته وتقواه، وسؤاله الجنة، والاستعاذة به من النار، فهذا يطلب من اللَّه تعالى بغير تردد، ولا تعليق بالعلم بالمصلحة؛ لأنّه خير محض. (١)

[حكم تمني الموت]

وفي الحديث أنه لا يدعو بأن يميته الله أبدًا، أو أن يحييه أبدًا، فمما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو الإنسان على نفسه بالموت؛ فإن تمنيَ الموت منهى عنه. كما في الصحيح عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الوَفَاةُ خَيْرًا لِي» (٢). وفي الصحيح أيضا عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ: إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ» (٣)

[الدعاء بأن لا يكلك الله إلى نفسك]

ولما كان العبد لا يعلم ما في غدٍ، وإنما يعلم ما في غدٍ هو الله فإن المؤمن لا يدعو على نفسه بالهلاك وإنما يدعو ربه -جل وعلا- بأن يصلح له شأنه كلَّه، وأن يختار له ما فيه الخير. وقد صح في دعاء الصباح والمساء حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِفَاطِمَةَ: «مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ بِهِ، أَنْ تَقُولِي إِذَا أَصْبَحْتِ وَإِذَا أَمْسَيْتِ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ


(١) ينظر: «شرح حديث عمار بن ياسر -رضي الله عنه- لابن رجب» (ص ١٥٣)
(٢) صحيح البخاري (٥٦٧١)، وصحيح مسلم (٢٦٨٠).
(٣) صحيح البخاري (٥٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>