للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقاء ربه ولا بد له منه … إلخ (١)

[سؤال الله تعالى أن يزيننا بزينة الإيمان]

ثم يقول: «اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ». وزينة الإيمان تشمل زينة القلب بتحقق الإيمان له. وزينة اللسان بأقوال الإيمان. وزينة الجوارح بأعمال الإيمان، وذلك أن الإيمان قول وعمل ونية. وقد سمى الله تعالى التقوى لباسا، وأخبر أنها خير من لباس الأبدان فقال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: ٢٦]. فهذه هي الزينة النافعة الدائمة الباقية وهي زينة الإيمان والتقوى، إذا شملت القلب والجوارح.

[سؤال الله تعالى أن يجعلنا هداة مهتدين]

قال: «وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ»، يعني نهدي غيرنا ونهتدي في أنفسنا. وهذه أفضل الدرجات: أن يكون العبد هاديًا مهديًّا.

قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (٧٣)} [الأنبياء].

وقال -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» (٢)، وفي حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، … » الحديث (٣).

ويدخل في ذلك: من دعا إِلَى التوحيد من الشرك، وإلى السنة من البدعة، وإلى العِلْم من الجهل، وإلى الطاعة من المعصية، وإلى اليقظة من الغفلة، فمن استجيب له إِلَى شيء من هذه الدعوات فله مثل أجر من تبعه. ومن دعاء عباد الله الصالحين ما ذكره الله تعالى عنهم في قوله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: ٧٤].


(١) «لطائف المعارف لابن رجب» (ص ٢٩٦)
(٢) أخرجه البخاري (٢٩٤٢) واللفظ له، ومسلم (٢٤٠٦) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>