وفي سورة البقرة مثالٌ آخرُ، وهو في قصة قوم موسى -عليها السلام- حين قالوا له:{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}[البقرة: ٥٥] فأماتهم الله تعالى، ثم أحياهم، وفي ذلك يقول الله تعالى مخاطبًا بني إسرائيل: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٥) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٦)} [البقرة: ٥٥ - ٥٦].
ذكر ما اشتملت عليه سورةُ البقرة من المواضع:
وقد اشتملت سورةُ البقرة وحدها على خمسة أمثلة حِسِّيَّة تدل على تحقق البعث والنشور ووجوب الإيمان به:
الموضع الأول: هو المتقدم في قصة قوم موسى -عليها السلام- حين قالوا له:{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً}[البقرة: ٥٥]
الموضع الثاني: في قصة القتيل الذي اختصم فيه بنو إسرائيل، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة، فيضربوه ببعضها؛ ليخبرهم بمن قتله.
الموضع الثالث: في قصة القوم الذين خرجوا من ديارهم فرارًا من الموت وهم ألوف فأماتهم الله تعالى، ثم أحياهم، وفي ذلك يقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٢٤٣)} [البقرة].
الموضع الرابع: في قصة الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها المتقدمة.
الموضع الخامس: في قصة إبراهيم -عليها السلام-: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} الآية.
هذه خمس قصص في سورة البقرة، وهي أمثلة حسية واقعية تدل على تحقق البعث بعد الموت وإحياء الموتى. وأنه حقٌّ لا مِرْية فيه.