للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفًا … » (١). ومر معنا حديثُ النَّضْرِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَشْفَعَ لِي يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالَ: «أَنَا فَاعِلٌ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَطْلُبُكَ؟ قَالَ: «اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي عَلَى الصِّرَاطِ». قَالَ: قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عَلَى الصِّرَاطِ؟ قَالَ: «فَاطْلُبْنِي عِنْدَ المِيزَانِ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ عِنْدَ المِيزَانِ؟ قَالَ: «فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الحَوْضِ فَإِنِّي لَا أُخْطِئُ هَذِهِ الثَّلَاثَ المَوَاطِنَ» (٢). وهذا يدل على أنَّ هذه المواطن الثلاثة مواطنُ عظيمة. وفي حديث آخر يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنِّي لَقَائِمٌ أَنْتَظِرُ أُمَّتِي تَعْبُرُ الصِّرَاطِ» (٣)

وهذا يدُلُّ أيضًا على عِظَمِ هذا الموقفِ الذي يحتاج فيه الإنسانُ إلى عمله الصالح.

[الملائكة يدعون أيضا للمارين بالسلامة]

وفي رواية عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «لَيَمُرُّ النَّاسُ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ وَعَلَيْهِ حَسَكٌ وَكَلَالِيبُ وَخَطَاطِيفُ تَخْطَفُ النَّاسَ يَمِينًا وَشِمَالًا وَبِجَنْبَتَيْهِ مَلَائِكَةٌ يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ … » (٤)

وفي المسند عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ يَذْكُرُ الْحَبِيبُ حَبِيبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا عَائِشَةُ، أَمَّا عِنْدَ ثَلَاثٍ فَلَا، … فذكر الحديث وفيه: وَلِجَهَنَّمَ جِسْرٌ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ، عَلَيْهِ كَلَالِيبُ وَحَسَكٌ يَأْخُذُونَ مَنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالنَّاسُ عَلَيْهِ كَالطَّرْفِ، وَكَالْبَرْقِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ، وَالرِّكَابِ، وَالْمَلَائِكَةُ يَقُولُونَ: رَبِّ سَلِّمْ، رَبِّ سَلِّمْ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُسَلَّمٌ، وَمُكَوَّرٌ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ» (٥)


(١) تقدم.
(٢) تقدم في أحاديث الحوض.
(٣) تقدم (ص: ١٦٧). وقوله: «أَنْتَظِرُ أُمَّتِي» قال السندي: الظاهر أن المراد بهذه الأمة من لا حساب عليهم، فأُذن لهم في الدخول إلى الجنة ا. هـ
(٤) أخرجه أحمد (١١٢٠١، ١١٢٠٢) وأبو يعلى (١٢٥٣) والنسائي في السنن الكبرى (١١٢٦٤)، وابن حبان (٧٣٧٩) والحاكم (٨٧٣٧)، وقال: صحيح على شرط مسلم ا. هـ قلت: الحديث إسناده صحيح، وهو من طريق عثمان بن غياث عن أبي نضرة، وهو بهذا السياق ليس على شرط مسلم، وينظر: تحقيق المسألة في بيان شرط الشيخين في السلسلة الصحيحة -بما لا تكاد تجده في مكان آخر- (٣/ ٦٦).
(٥) مسند أحمد (٤١/ ٣٠٢) رقم (٢٤٧٩٣). وإسناده ضعيف من أجل ابن لهيعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>