للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جميع الأنبياء والرسل دعوا إلى التوحيد]

وكلُّ أمَّةٍ بعثَ اللهُ إليها رسولاً مِنْ نوحٍ إلى محمدٍ يأمُرُهُمْ بعبادةِ اللهِ وحدَهُ، ويَنْهَاهُمْ عنْ عبادَةِ الطاغوتِ، كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦]

وفي الآية مسائل منها:

١ - بيان الحكمة في إرسال الرسل وهي ليأمروا أممهم بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت.

٢ - وأن الرسالة عمت كل أمة فإنه لما أخبر الله أنه بعث في كل أمة رسولا أفاد ذلك أن الرسالة عمت جميع الأمم وقامت الحجة على الخلق كما قال تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]

٣ - وفيها أن دين الأنبياء واحد. لأن الله أخبر أن كل رسول يقول لقومه {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} فأفاد ذلك أن دينهم واحد أما الشرائع فمختلفة كما قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨] وفي الصحيحين أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، يَقُولُ: «الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلَّاتٍ، وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ» (١)

٤ - وفي الآية المسألة العظيمة: وهي أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت، ففيه معنى قول الله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)} [البقرة]

فإنه لما أخبر الله أنه أرسل الرسل يدعون أممهم قائلين: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} دل ذلك على أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت فمن لم يكفر بالطاغوت فليس عابدا لله حقيقة ولذلك جعله شرطا للاستمساك بالعروة الوثقى. وسيأتي مزيد من الكلام عن دعوة الأنبياء في مجلس قادم -إن شاء الله-.


(١) صحيح البخاري (٣٤٤٣) وصحيح مسلم (٢٣٦٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>