للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر أيضًا إلى قول الله: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٩٨)} فيقول الله مجيبًا لهم: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (٩٩)} [الإسراء].

ويقول: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨١)} [يس].

ويقول -جل وعلا-: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر: ٥٧].

يقول شيخ الإسلام -رحمه الله-: "من المعلوم ببداهة العقول أن خلق السماوات والأرض أعظمُ من خلق أمثال بني آدم، والقدرةَ عليه أبلغُ، وأنَّ هذا الأيسر أولى بالإمكان والقدرة من ذلك" (١).

ويقول ابن أبي العز -رحمه الله- -شارح الطحاوية-: "أخبر أنَّ الذي أبدع السماوات والأرض، على جلالتهما، وعِظَمِ شأنهما، وكِبَرِ أجسامهما، وسعتِهما، وعجيبِ خلقهما، أقدرُ على أن يحييَ عظامًا قد صارت رميمًا، فيردَّها إلى حالتها الأولى" (٢).

إذًا هذه كلُّها أدلة من القرآن متنوعة في بيان أن الله سبحانه قادرٌ على أن يبعث العباد بعد الموت وأنَّ إنكار من أنكر من الكافرين والمكذِّبين إنما هو تَعَامٍ عن الحق وإنكارٌ للفطرة وتكذيبٌ لله ولرسله -عليهم السلام-.

التكذيبُ بالبعث تكذيبٌ بألوهية الله وربوبيته:

كذلك يأتي في كتاب الله بيانُ أن من تمام ألوهية الله وربوبيته قدرتَه على تحويل الخلق من حال إلى حال؛ فالتكذيبُ بالبعث والجزاء والنشور هو: تكذيبٌ بألوهية الله وربوبيته. يقول الله -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥)} [الأنعام].

فالإله الحق والرب سبحانه هو القادر على ذلك.


(١) الفتاوى الكبرى (١/ ١٢٧).
(٢) شرح الطحاوية لابن أبي العز (٢/ ٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>