للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ، وَلَمَّا يُلْحَدْ، … وفيه ثُمَّ قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ … » الحديث (١)

تفاوت الملائكة في الخَلْق:

وجاءت الأدلة أيضًا ببيان تفاوتهم في الخَلْق والمقدار، فالملائكة ليسوا على درجة واحدة في الخلق والمقدار، فبعض الملائكة كما تقدَّم له جناحان وبعضهم له أكثر.

[تفاوت الملائكة في الفضل]

ويقول الله -جل وعلا-: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤)} [الصافات] فهم على منازل، ويتفاضلون، وأفضلُ الملائكة هم الذين شهدوا معركة بدر كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ جبريل قال له: «مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ، قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ المُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلَائِكَةِ» (٢).

الملائكة لا يُوصَفون بالذكورة ولا الأنوثة:

وقد تقرَّر عند العلماء أن الملائكة لا يوصفون بالذكورة ولا بالأنوثة. وهذا من الأبواب التي ضل فيها أقوام بسبب أنهم يتحدثون عن الأمور الغيبية بدون رجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. كما ضلَّ في ذلك من قبلُ مشركو العرب الذين كانوا يزعمون أن الملائكةَ بناتُ الله وأنهم إناث، قال الله -جل وعلا-: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (١٥٠) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (١٥٦)} [الصافات]

وقال سبحانه: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (١٩)} [الزخرف].


(١) مسند أحمد (١٨٥٣٤) وانظر تخريجه والكلام عليه في مباحث الإيمان باليوم الآخر.
(٢) البخاري (٣٩٩٢) من حديث رفاعة الزرقي -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>