للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ … -فذكر نحوه- وفي آخره: قال مالك: كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ، وَكَيْفٌ عَنْهُ مَرْفُوعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ صَاحِبُ بِدْعَةٍ، أَخْرِجُوهُ. قَالَ: فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ ا. هـ (١)

وقال شيخ الإسلام: فَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِوَاءَ مَعْلُومٌ وَأَنَّ كَيْفِيَّةَ ذَلِكَ مَجْهُولٌ، وَمِثْلُ هَذَا يُوجَدُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ السَّلَفِ، وَالْأَئِمَّةُ يَنْفُونَ عِلْمَ الْعِبَادِ بِكَيْفِيَّةِ صِفَاتِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ كَيْفَ اللَّهُ إلَّا اللَّهُ فَلَا يَعْلَمُ مَا هُوَ إلَّا هُوَ. ا. هـ (٢)

[الحذر من التحريف]

واحذروا من أولئك الذين يحرفون المعاني ويُؤَوِّلون صفاتِ الله -جل وعلا- فيصرفونها عن معانيها التي دلت عليه. وتجد هذا عند بعض الشراح للمتون العلمية في الفقه والحديث والنحو والبلاغة وغير ذلك، يذكرون مثلًا في شرح البسملة: اسم الله تعالى: {الرَّحْمَنُ} أو {الرَّحِيمِ} فيقولون: يدل على إرادة الإنعام، ويزعمون أن الله منزه عن صفة الرحمة، لأنهم يرون ذلك تشبيها لله، فكما قيل: "أرادوا التنزيه فوقعوا في التعطيل". يزعمون أنَّ نصوص الأسماء والصفات تدل بظاهرها على تشبيه الله بخلقه فأرادوا أن يفروا من هذا التشبيه الذي وقعوا فيه لسوء فهمهم فوقعوا في التعطيل.

[الأسماء الحسنى أعلام وصفات]

والحق أن كلُّ اسم من أسماء الله يدل على صفة: فاسمُه السميع يدل على صفة السمع، والبصيرُ يدل على صفة البصير، والرحمن الرحيم يَدُلَّان على صفة الرحمة، والعليُّ يدل على علوه. وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه] يدل على أن الله -جل وعلا- استوى على العرش استواءً يليق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تعطيل ولا تحريف. وهكذا في قوله سبحانه: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر] فالآية صريحة في مجيء


(١) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (٨٦٦) من طريق أبي الربيع بن أخي رشدين بن سعد، قال: سمعت عبد الله بن وهب وذكره. وأبو الربيع هو سليمان بن داود بن حماد بن سعد المَهْري، وجدّه حماد بن سعد أخو رِشْدين بن سعد. وهو ثقة. كما في التهذيب. وصحح إسناده الذهبي. كما في العلو (ص: ١٣٨). وجود إسناده ابن حجر: في الفتح (١٣/ ٤١٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٣/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>