للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمام أبو محمد البغوي -رحمه الله-: والواجب … الإيمان بما جاء في الحديث، والتسليم، وترك التصرف فيه بالعقل، … وعلى العبد أن يعتقد أن الله عظيم له عظمة، كبير له كبرياء، عزيز له عزة، حي له حياة، باق له بقاء، عالم وله علم، ومتكلم وله كلام، قوي له قوة، وقادر وله قدرة، وسميع وله سمع، بصير له بصر … ولا يزال موصوفا بما وصف به نفسه، ولا يبلغ الواصفون كنه عظمته، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم ا. هـ (١)

وَعَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيينةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ. وَمِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا التَّصْدِيقُ ا. هـ (٢)

وقال يَحْيَى بْنَ يَحْيَى: كُنَّا عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ -رحمه الله- فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)} [طه] فَكَيْفَ اسْتَوَى؟ قَالَ: فَأَطْرَقَ مَالِكٌ بِرَأْسِهِ حَتَّى عَلَاهُ الرُّحَضَاءُ ثُمَّ قَالَ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَمَا أَرَاكَ إِلَّا مُبْتَدِعًا. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُخْرَجَ ا. هـ (٣)


(١) شرح السنة (١/ ١٧٧ - ١٨٠) باختصار.
(٢) أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣/ ٤٤١/ رقم ٦٦٥) -ومن طريقه ابن قدامة في إثبات صفة العلو (٧٤) - وعزاه شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٥/ ٤٠): للخلال وقال بإسناد كلهم ثقات عن سفيان بن عيينة. ورواه الذهبي في العلوّ من طريق النجَّاد قال: حدّثنا معاذ بن المثنى حدّثني محمد بن بشر حدّثنا سفيان -وهو الثوري-، قال: (كنت عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن … ) فذكره، قال الألباني: (وهو صحيح). وقال شيخنا عبد الرزاق العباد في رسالته في تخريج الأثر: … ورواه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد الله بن صالح بن مسلم قال: سئل ربيعة الرأي … فقال: (الكيف مجهول، والاستواء غير معقول، … ). هكذا لفظه: (الكيف مجهول، والاستواء غير معقول)، وهو مخالف للفظ السابق في الطريقين المتقدِّمين، وفي إسناده عبد الله بن صالح بن مسلم وهو أبو صالح المصري كاتب الليث، قال الحافظ في التقريب: (صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة) ا. هـ ثم هو أيضاً لم يدرك ربيعة، فقد كان مولده سنة سبع وثلاثين ومائة كما في ترجمته في تهذيب الكمال، وكانت وفاة ربيعة على الصحيح -كما في التقريب-: سنة ست وثلاثين ومائة.
(٣) أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني -كما في الفتوى الحموية (١٦٧/ ت الشيخ دغش) - ومن طريقه البيهقي في الأسماء والصفات (٨٦٧) وفي الاعتقاد (ص: ١١٦) وسنده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>