للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أثبتها الله لنفسه.

فإذا قرأ {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥)} [الحج] علم أن الله سبحانه سميع ذو سمع، وبصير ذو بصر، فيثبت ذلك لله إثباتًا يليق بجلاله وعظمته من غير تشبيه فلا تقول: سمعه كسمع الناس وبصره كبصر الناس، ومن غير تكييف أي من غير أن تعتقد كيفية لصفة من صفات الله؛ لأن هذا مما حُجِب عنَّا.

وهكذا: اسم الله {الرَّحْمَنُ}. فنؤمن بأنه اسم من أسماء الله -تعالى- دالٌّ على صفة عظيمة، وهي: صفة الرحمة الواسعة، ولا نشبِّه الله بخلقه بل نقول: إن الله -جل وعلا- رحيم رحمةً تليق بجلاله وعظمته.

فنؤمن بما ورد في الكتاب والسنة على طريقة السلف الصالح دون الخوض في كيفية الصفات؛ فإنها مما حجب عنا علمه. كما تقدم.

قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في مقدمة الرسالة: ولا يبلغ الواصفون كُنه عظمته. الذي هو كما وصف نفسه، وفوق ما يصفه به خلقه ا. هـ (١)

وقال ابن أبي زيد القيرواني -رحمه الله-: لا يبلغ كنه صفته الواصفون ولا يحيط بأمره المتفكرون ا. هـ (٢)

ونقل ابن بطال إجماع الأمة على أن الله تعالى لا يبلغ كنهه الواصفون ولا ينتهى إلى صفاته المقرظون ا. هـ (٣) أي المادحون. والتّقريظ: المدح وشدة تزيينه.

وقال الرّبيع بن سُلَيْمَان سَأَلت الشَّافِعِي -رضي الله عنه- عَنْ صِفَات من صِفَات الله تَعَالَى فَقَالَ: حرَام على الْعُقُول أَنْ تمثل الله تَعَالَى وعَلى الأوهام أَنْ تحده وعَلى الظنون أَنْ تقطع وعَلى النُّفُوس أَنْ تفكر وعَلى الضمائر أَنْ تعمق وعَلى الخواطر أَنْ تحيط وعَلى الْعُقُول أَنْ تعقل إِلَّا مَا وصف بِهِ نَفسه فِي كِتَابه أَوْ على لِسَان نبيه -صلى الله عليه وسلم- ا. هـ (٤)


(١) الرسالة للشافعي (١/ ٨)
(٢) الرسالة (ص ٥)
(٣) شرح صحيح البخاري لابن بطال (١٠/ ١٤١)
(٤) ذم التأويل لان قدامة (ص ٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>