للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل أيضًا على عِظَم خلق الملائكة: ما جاء في سنن أبي داود عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ» (١).

فهذا ملك واحد من ملائكة الله سبحانه.

ورُوِيَ أيضًا: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَعَلَى قَرْنِهِ الْعَرْشُ، وَبَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ وَعَاتِقِهِ خَفَقَانُ الطَّيْرِ سَبْعمِائَةِ سَنَةٍ، يَقُولُ الْمَلَكُ: سُبْحَانَكَ حَيْثُ كُنْتَ» رواه الطبراني في الأوسط (٢).

عِظَمُ خلق الملائكة يدل على عظمة الخالق سبحانه:

وما تقدَّم من وصف خَلْق بعض الملائكة يدل على عِظَم خَلْقهم، وهذا -يا إخواني - يدل على عظمة الله، فإذا كان مخلوقٌ من مخلوقات الله -جل وعلا- بهذه العظمة، فهذا يدُلُّ على عظمة الخالق -جل وعلا-. فنؤمن بذلك كما ورد في كتاب الله وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

[الملائكة ذووا أجنحة]

وقد جاءت الآيات أيضًا ببيان أنَّ للملائكة أجنحة كما في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١)} [فاطر] ويُسمِّي بعضُ أهل التفسير سورة فاطر بـ "سورة الملائكة" (٣)، ومعنى الآية: أن الله جعلهم أصحاب أجنحة، بعضُهم له جنحان، وبعضُهم له ثلاثة أو أربعة أو أكثر من ذلك، وقد سبق أنَّ جبريل -عليها السلام- له ستمائة جناح.


(١) سنن أبي داود (٤٧٢٧) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (١٥١)، وشيخنا الوادعي في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين (٤٥٢).
(٢) الطبراني في المعجم الأوسط (٦٥٠٣) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-. وقال: «لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِلَّا ابْنُهُ مُنْكَدِرٌ، تَفَرَّدَ بِهِ وَلَدُهُ عَنْهُ ا. هـ قال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (١/ ٨٠): رواه الطبراني في الأوسط، وقال: تفرد به عبد الله بن المنكدر. قلت: هو وأبوه ضعيفان ا. هـ وقال الطبراني أيضا: … وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ» ا. هـ وقال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (٦٩٢٣): منكر بذكر: (القرن) و: (الخفقان). وانظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته (٨٥٥).
(٣) الإتقان في علوم القرآن (١/ ١٩٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>