للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

F e

المجلس الثالث والعشرون (١)

[حياة البرزخ]

ومما يتضمنه الإيمان باليوم الآخر، -كما تقدم- أيضا، الإيمان بحياة البرزخ، ثم الإيمانَ بالبعث والجزاء والنشور وما يكون في يوم القيامة.

وحياة البرزخ حياة غيبية جاء ذكرها وبيانها في كتاب الله وفي سنة رسول -صلى الله عليه وسلم-، ولا يتم الإيمان باليوم الآخر إلا بأن يؤمن الإنسان بهذا الغيب الذي أخبرنا عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عالم البرزخ.

[حياة البرزخ القيامة الصغرى]

ويُسمِّيه بعضُ العلماء بالقيامة الصغرى؛ فإن الموت يُسمَّى بالقيامة، ويُسمَّى بالساعة، وقد جاء في الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وأرضاها أنها قالت: كان رجالٌ من الأعراب جفاةٌ يأتون النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسألونه: متى الساعة؟ فكان ينظر إلى أصغرهم، فيقول -عليه الصلاة والسلام-: «إِنْ يَعِشْ هَذَا لَا يُدْرِكْهُ الْهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ» (٢).

قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: وَالْمُرَادُ: انْخِرَامُ قَرْنِهِمْ، وَدُخُولُهُمْ فِي عَالَمِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ. وَهَذَا الْكَلَامُ بِهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ، وَقَدْ يَقُولُ هَذَا بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ، وَيُشِيرُونَ بِهِ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَالْبَاطِلِ ا. هـ (٣)

وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: الْمَوْت معادٌ وَبعثٌ أولُ، فَإِنْ الله جعل لِابْنِ آدم معادين وبعثين يجزى فيهمَا الَّذين أساءوا بِمَا عمِلُوا ويجزى الَّذين أَحْسنُوا بِالْحُسْنَى،


(١) كان في يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر رمضان ١٤٤١ هـ.
(٢) تقدم (ص: ١٢)
(٣) البداية والنهاية ط هجر (١٩/ ٣٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>